الثقافية - صالح الخزمري:
عبَّر عدد من الأدباء عن حزنهم العميق لرحيل الأستاذ علي بن حسن العبادي - رئيس نادي الطائف الأدبي السابق- وأحد مؤسسي النادي واللغوي والشاعر والتربوي المعروف، والذي وافته المنية عن عمر ناهز التسعين عامًا، وقد أثرى خلال عمره المديد المكتبة العربية بعدد من الإصدارات.
تعرَّفتُ على الأستاذ علي حسن العبادي في الاجتماع الذى دعا له الشاعر الدكتور إبراهيم الزيد زميل العمل في إدارة التعليم بالطائف، واستضافنا فيه الإعلامي محمد خلف خلف الزايدي صاحب مطابع الزايدي في إحدى غرف مقر المطبعة. وبعد نقاش وحوار فوضنا الأستاذ حمد الزيد والأستاذ علي العبادي بالإبراق لهذا الشأن. ومن هنا تعرفت على شاعر مخضرم اسمه علي العبادي، ومع الوقت عرفت اهتماماته كأديب ناقد ومؤرخ وخبير في الأنساب، من خلال كتابه الأول (نظرات في الأدب والتاريخ والأنساب). العبادي صديق وفيّ وأخ عزيز فقدته الساحة الأدبية، تولى مقعد رئيس مجلس الإدارة خلفًا للأستاذ حمد الزيد عام 1397هجرية. شاركته في إعداد دورية الشعر وفي إعداد دورية مقالات في الأدب. وكنت رفيقه في جمع قصائد حسين سرحان لديوانه الثاني والثالث الصادرين عن نادي الطائف الأدبي. من شعره اللطيف/ حواء لغز معمى. تحار فيه البصائر/ كم من حكيم لبيب. أمامها ظل حائر/ وفيلسوف حصيف. في أمرها لم يغامر/ حواء تعرف هذا لكنها قد تكابر.. ومن جزيل شعره/ عربي كلمة أحلى من الشهد المذاب. عربي كلمة أرخم من صوت الرباب/ عربي افتديها بحياتي وشبابي/ عربي يحسب الكون لها ألف حساب/ ولغيرته على الشعر ديوان العرب جاء كتابه ما هكذا يكتب الشعر، ورد في الصفحة 107 الجزء الأول (ورحم الله أبا تمام هذا الشاعر العملاق الذي قال عنه أبوالعلاء المعري «لو تمثلت بائيات أبي تمام ودلياته أشخاصاً وخرجت خلف نفسه، لضاق بها الفضاء»، ولقد صدق أبوالعلاء المعري «العبادي أيقونة نادي الطائف الأدبي وثروته التي فقدها النادي والساحة الأدبية ونحن تلامذته». تغمده الله بواسع رحمته.
القاص: محمد المنصور الشقحاء
* * *
((العبادي علامة فارقة في أدبنا السعودي))
آلمني كثيرًا نبأ وفاة أخي الأديب علي بن حسن العبادي -رحمه الله- فالرجل صديق عمر ورفيق درب وزميل عمل لما يقارب نصف قرن مضت في الحقل الثقافي الأدبي والتعليمي التربوي، ولا شك أن بلادنا فقدت علمًا كبيرًا في الشأن الثقافي والأدبي، فالعبادي -رحمه الله- شكَّل علامة بارزة في مسيرتنا الثقافية والأدبية والتاريخية ليس في المملكة العربية السعودية فحسب بل على مستوى العالم العربي، ولا أدل على ذلك من ما ساهم به في بعض صحفنا من مقالات أدبية ولغوية وعروضية وتاريخية كان يقدمها بتميز يبرز ما لديه من سعة علم واطلاع وموهبة فذة أثرت تأثيرًا إيجابيًا كبيرًا في حركتنا الثقافية المعاصرة.
عرفت العبادي -رحمه الله- في نهاية السبعينيات الهجرية وكنت حينها بمنطقة الرياض حيث عملي الرسمي كما كنت مسؤولاً عن مكتب صحيفة عكاظ خلال فترة صحافة الأفراد بتكليف من أستاذي الأديب الكبير أحمد عبدالغفور عطار ومندوباً رسمياً لمجلة المنهل بالرياض خلال حياة صاحبها أستاذنا الأديب عبدالقدوس الأنصاري -رحمهما الله جميعاً- وكانت العلاقة مع الأديب علي العبادي -رحمه الله- بالهاتف الأرضي وعن طريق المراسلة البريدية بيننا، ثم التقيته في الطائف في الثمانينات الهجرية عندما انتقلت للطائف فتوطدت علاقتنا أكثر واستمرت في مسارات متعددة منها التعليمي التربوي ومنها نادي الطائف الثقافي الأدبي ومنها اللقاءات الثقافية المختلفة ومنها اللقاءات الخاصة الأسرية، ولا شك أن هذه العلاقة الأخوية القوية التي امتدت طيلة هذه السنوات الطويلة ما كانت لتستمر لولا أنها صادقة نقية خالصة لوجه الله ومحبة فيه، كان العبادي -رحمه الله- خلالها نعم الأخ والرفيق والصاحب والجليس والصديق والزميل والأنيس والصّفي.
وللعبادي -رحمه الله- مؤلفات عدة من أهمها (ما هكذا يكتب الشعر)، وهو كتاب قيّم ثمين أعطى فيه مؤلفه خلاصة علمه وتجربته في علم العروض والكتابة الصحيحة للشعر وبحوره وأوزانه، وقدم فيه دروساً مفيدة وتوجيهيات لكثير ممن كتبوا ويكتبون الشعر الموزون المقفى، وله أيضًا كتاب (نظرات في الأدب والتاريخ والأنساب) حوى بحوثاً مهمة جدًا، إضافة إلى مقالاته التي كانت تنشر ببعض الصحف كالندوة والرياض والحديث عن حبيبنا العبادي -رحمه الله- لا تكفيه هذه العجالة التي فرضتها الظروف لأننا نتحدث عن نصف قرن قضيناها تختزن ذاكرتها العديد من القصص والذكريات والمواقف والفوائد التي لا تنسى ولا يفترض أن تكون حبيسة الذاكرة. وقد ترجمت له في كتابي موسوعة أدباء الطائف، وأحمد الله أنني كنت قد كتبت عنه حال حياته وطالبت بتكريمه حال حياته أكثر من مرة، ولعل الفرصة تتاح لي للحديث عن تلك الحقبة التي قضيناها معًا.
وأذكر منها ما يفيد الناس ويجعل سيرة صديقنا العبادي تظل باقية معنا -بإذن الله.
رحم الله الأديب علي بن حسن العبادي، وجعل ما قدم وأنجز من جهود حال حياته في خدمة أمته ووطنه وقيادته في ميزان حسناته. متمنياً على الجهات المعنية وفي طليعتها وزارة الثقافة جمع أعمال هذا الأديب الكبير وإصدارها مجتمعة في كتاب تخليداً لذكراه وتقديراً لجهوده، فهي من الآثار الأدبية والتربوية والتاريخية التي لا يستغني عنها الباحث والدارس على حد سواء.
علي خضران القرني - نائب رئيس نادي الطائف الأدبي سابقاً - كاتب وأديب سعودي
* * *
العلامة العبادي مسيرة حافلة بالعطاء
فقد الأدب في بلادنا علمًا من أعلام الأدب واللغة وشاعرًا ومربيًا فاضلاً، حيث رحل عنا الأديب والشاعر والتربوي الكبير علي حسن العبادي، أحد مؤسسي نادي الطائف الأدبي، الذي تولى رئاسة النادي لأكثر من ثلاثين عامًا منذ عام (1395هـ). وهو من الشعراء الرواد المبدعين وأحد أدباء الطائف الأعلام ومن أبرز المعنيين بعلم العروض والتاريخ والأنساب في الطائف. رحل العلامة العبادي عن عمر يناهز 93 عاماً حيث ولد في مكة المكرمة عام 1931م.
عرفته -رحمه الله- عن قرب خلال عملنا معًا في بداية مسيرة الأندية الأدبية وعند تأسيسها، حيث كان نادي الطائف الأدبي من بين الست الأندية الرائدة في المملكة التي تأسست عام 1975م، وكان أول رؤساء النادي، وكنا نلتقي في الاجتماعات السنوية التي كانت تعقد لرؤساء الأندية وممثليها دوريًا في أحد الأندية، وكانت أحاديثنا في الأمسيات والمسامرات عن الشعر والطرائف، وكان الحديث معه حقًا ذا فائدة وشجون، وقد أمتعنا بالحديث عن أخطاء الشعراء وعروضه وما تضمنه كتابه (ما هكذا يكتب الشعر) والكثير من الفوائد اللغوية. دعاني -رحمه الله- عام 1407هـ في أمسية أقامها النادي لي مع الأديب القاص الراحل سباعي عثمان، وكنت أعلم أنها من إعداد وترتيب الأديب الصديق الأستاذ محمد منصور الشقحاء وكان سكرتيرًا لنادي الطائف، وفي تلك الأمسية تعرفت على الأستاذ العبادي -رحمه الله- وعرفته وتواصلت معه سنوات طويلة.. حين كنت سكرتيرًا لنادي جدة الأدبي.
وإن كنت قرأت له ما كان يكتبه في جريدة الندوة ومن خلال صفحة (ندوة الأدب) التي كان يشرف على تحريرها وكنت لازلت طالبًا في الثانوية.
رحم الله الأستاذ العبادي، وكانت حقًا لفتة كريمة من الأستاذ عطا الله الجعيد رئيس نادي الطائف الأدبي الذي قام فيها النادي بتكريم الأستاذ العبادي قبل سنتين وفاءً منه ومن النادي وأدباء الطائف لأديب وتربوي ولغوي كبير أفنى حياته لما يزيد على الربع قرن في خدمة الأدب والثقافة والمسيرة العلمية.
القاص محمد علي قدس
* * *
ماذا أكتب عن العالم الفذ أستاذ الجميع المرحوم -بإذن لله- علي حسن العبادي التربوي والأديب وعالم العروض على مستوى الوطن العربي كافة، ويشهد على ذلك كتابه (ما هكذا يكتب الشعر)، قاد الحركة الأدبية من خلال ترؤسه نادي الطائف الأدبي طيلة 37 سنة وما كتبه من بحوث وكتب، كما كان له الفضل في مجال التعليم حيث أمضى في التعليم 41 عامًا تخرج على يده الكثير من أبناء الوطن كان من طلابه قيادات في الدولة، وبحكم عملي معه كان نعم الموجه مع حسن خلقه وتواضعه الجم، واستفدت أنا منه شخصيًا -رحمه الله رحمة واسعة وعوض الوطن بمثله.
المؤرخ مناحي القثامي
* * *
رحم الله شيخنا المربي الأديب الشاعر وعلّامة العربية والنحو والصرف ورائد وناقد العروض والقافية/علي بن حسن العبادي المكي.
عرفته قارئًا له ومتابعًا في الصحف والدوريات في التسعينات الهجرية - السبعينات الميلادية- واتصلت به الآصرة تواصلًا في عام 1401 للهجرة رئيسًا لنادي الطائف الأدبي وحضورًا في مؤتمر الأدباء السعوديين ومناسبات وزارة الثقافة والأندية الأدبية، ومشاركًا في التأليف الأدبي والتاريخ الثقافي ومتابعًا وناقدًا عروضيًّا رائدًا. وقد أدرك أعلام رواد وبُناة النهضة الأدبية السعودية، وتتلمذ على النخبة، وأخذ العربية والنحو والصرف والعروض والقافية متتلمذًا على شيخه العلامة الفقيه المحدِّث الشاعر/السيد علوي بن عباس المالكي المكي وغيره من أعلام أساتذته في المعهد العلمي السعودي بمكة، واتصلت أواصره بعلماء وأدباء العربية والنقد الأدبي، وهو من معمري أدبائنا المعاصرين شاعرًا وكاتبًا في الأعلام -رحمه الله وأكرم مثواه.
الشاعر فاروق بنجر
* * *
الأستاذ علي العبادي ـ رحمه الله ـ منذ قادتني الخطى للطائف عام 1423هـ، كان أدبي الطائف أول محطة أبحث عنها، وكان رئيسه العبادي أول شخصية ألتقيها فيه، ولا أنسى تلك الليلة التي سلمت عليه لأول مرة، كان مكتبه في الدور الأرضي مكتظًا بالكتب، على الرفوف المحيطة به من جميع ا لجهات، وعلى طاولة المكتب أرتال من الكتب، وكان الدكتور زيد الفضيل جالسًا معه في المكتب، وهو من خلصائه، سلمت عليهما وعرفتهما بنفسي، وأبديت رغبتي في ارتياد النادي، فتلقاني بالترحاب وابتسامته المشرقة، وعرفني على مرافق النادي، ثم أهداني كتابه: (ما هكذا يكتب الشعر)، ونبّه إلى أهمية قراءته، وزاد عليه بمجموعة من إصدارات النادي، ثم دعاني إلى حضور الفعاليات.
بعد أسبوع حضرت قبل الأمسية ومررت بمكتبه، فناولته قصيدة لي، قرأها وحين وصل المنتصف تقريبًا، رفع نظره إليَّ مبتسمًا ثم أكمل، وقال: هذه القصيدة لك؟ قلت: نعم، فأثنى وقال استمر في كتابة الشعر، وأردف بكلام تحفيزي أعتز به، ملأني طاقة حينذاك، وظللت ملتزمًا بحضور مناشط النادي.
قبل أزمة كورونا سعدنا في أدبي الطائف بالاحتفاء بالفقيد - يرحمه الله - وتدشين كتابه في فندق إنتركونتنينتال الطائف في شوال 1440هـ، بحضور معالي محافظ الطائف آنذاك الأستاذ سعد الميموني وجمع غفير من المثقفين والمثقفات من داخل المحافظة وخارجها، وكانت سعادته غامرة جدًا في تلك الليلة، وكنت أرجو أن يكرم في سوق عكاظ، وسبق أن طرحت اسمه في مهرجان الجنادرية حين شاركت في لجنة المشورة التي تسبق المهرجان، لكن لم يحصل ذلك لكثرة الأسماء التي طرحت، وأحمد الله كثيرًا أن وفق أدبي الطائف ليقوم بدوره في تكريم هذا الرمز الثقافي السعودي، سائلاً الله له الرحمة والمغفرة وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
د. أحمد الهلالي - المسؤول الإداري بأدبي الطائف - أستاذ الأدب والبلاغة المشارك بجامعة الطائف