خالد بن حمد المالك
هذا التصعيد الحوثي في إرسال الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار للمواقع المدنية في كل من المملكة ودولة الإمارات، يأتي متزامناً مع تلقيه الهزائم، وتحرير الكثير من الأراضي التي كان يحتلها، كما يتزامن مع التصعيد الإعلامي في إحدى القنوات لدفعه وتشجيعه ومناصرته في العدوان على المملكة والإمارات.
* *
غير أن هذا السلوك الإرهابي ما كان ليقوم به الحوثيون لولا الدعم الإيراني له بالسلاح والتدريب، واكتفاء العالم بالتنديد الكلامي، عوضاً عن تطبيق قرارات الشرعية الدولية، التي يصفها الحوثيون بأنها حبر على ورق، وأنها لا تساوي قيمة الحبر والورق الذي كتبت به.
* *
وإيران في هذا التصعيد الإرهابي لها مصلحة، فهي تريد أن تؤكد بأن لديها قوة قادرة على إحداث الفوضى في المنطقة، ومس مصالح العالم الاقتصادية بالتخريب، وأن لديها وكلاء يقومون بالمهمة نيابة عنها في العراق ولبنان واليمن وسوريا، وأن مناصريها ومؤيدي سياستها يتواجدون فيمن أسمتها عواصمها الأربع، وتقصد بذلك سوريا والعراق ولبنان وصنعاء.
* *
ومع أن هذا هراء، وكلام لا قيمة له، إذ إن إيران تتلقى في كل يوم الضربات الإسرائيلية سواء في إيران نفسها، أو حيث تتواجد قواتها في سوريا، ومع ذلك فهي لا تكتفي بعدم الرد على إسرائيل، وإنما تبحث عن أسباب لتبرير هذه الضربات، فأحياناً يكون سبب هذه الحرائق في منشآتها صاعقة وأمطاراً غزيرة، وحيناً تبرر ذلك بالماس الكهربائي، أو عطل فني، وغير ذلك من محاولة حفظ ماء الوجه أمام المواطنين الإيرانيين، وفي سوريا حين تتعقب إسرائيل القوات الإيرانية الموجودة وضربها، فإن طهران تكتفي بالقول إنه غير معروف مصدرها، تجنباً لعدم الإشارة إلى إسرائيل والرد عليها بالمثل.
* *
والحوثي في هذا السلوك يلعب بالنار الإيرانية، وهذه النار توشك أن تكون رماداً، والمؤكد أنهم حطبها ووقودها، وأن المسألة كمن يحفر قبره بيديه، أو يضرب صخراً برأسه، لكن الحوثي لا يتعلم من الدروس، ولا يستفيد من الهزائم، ولا يتراجع مع دنو محاصرة منافذ وصول الأسلحة الإيرانية إليه، ويحاول كما الغريق أن يتمسك ولو في قطعة من إسفنج -وهي إيران-، مع معرفته بأنها لن تساعد إلا في تسريع غرقه وموته.
* *
دخول الإمارات ضمن أهداف الحوثي العدوانية، وقيامه بأعمال إرهابية، وتوجيه صواريخه وطائراته الإيرانية المسيرة إلى الأعيان المدنية، هو نوع من الانتحار، أو الموت البطيء، أو البقاء حياً في غرفة الإنعاش، والتهديد بتوسيع عدوانه سواء على المملكة أو الإمارات، هو بيع للكلام الرخيص، ومحاولة يائسة وبائسة لإثبات حضوره في معركة يُذل فيها يومياً، ولا يملك ما يفعله غير إطلاق الصواريخ والمسيرات بمساعدة حزب الله اللبناني، وعناصر إيرانية، التي قليلاً ما تفلت من تدميرها قبل وصولها إلى أهدافها.
* *
فمتى يتعلم الحوثيون الدروس، ويستوعبون ما ستكون عليه حالهم في المستقبل القريب؟.. ومتى يسمعون الصوت العالي والأقوى بأن عليهم أن يقبلوا بمبدأ الحوار والتفاهم بدلاً من الحرب التي لن تبقي فيهم ولن تذر؟.. تلك أسئلة، ولكن هل القرار في الإجابة عنها في صنعاء أم في طهران؟.. إنها معركة حصادها بعد كل هذه السنين خسائر بشرية عالية في صفوف ميليشيا الحوثيين، وفقر وجوع وفقدان أمن بين المواطنين في اليمن، والقادم سيكون أقسى وأشد على الحوثيين لتطهير البلاد من عملاء إيران الحوثيين، وتحريرها من أي فرصة تسمح بأن تكون صنعاء عاصمة إيران، واليمن في قبضة طهران وملالي قم.