نجلاء العتيبي
لم يقم بأي ردة فعل!
حبس دمعته،
حمل حقيبته، ومضى إلى منزله..
اعتاد على تنمُّر زميل له في المدرسة!!
مشاكس شقي أفسد يومه..
طفل المستقبل تُقصص أجنحته مبكرًا..
لم ينتبه له أحد..
لم يسألوه عن ما يؤرقه في مدرسته..
وما يضايقه..
تنمُّر لفظي كان ضحيته صغير اليوم رجل الغد.
وعند الشكوى قيل له: لا عليك، مجرد كلام.
يظن البعض أن كلمات الاستهزاء والعنصرية القاسية سوف تُنْسَى بسهولة، وأن الطفل لا يستذكر شيئًا من أحداث الأمس
وكأن الذاكرة تفلتر ما نريد ونرغب!
(يكبر وينسى)
دراسة أُجريت على 2000 شخص في عمر الـ60 وُجد أنهم يتذكرون أحداثًا مؤلمة لمشاعرهم ومواقف قد مضى عليها سنوات. ليس فقط الألم البدني هو ما ينتج عن التنمر اللفظي، بل أيضًا التمييز بين المشاعر من الأساس. فالأطفال بالأخص قد يجدون صعوبة في تحديد ما إذا كان شعورهم خوفًا، غضبًا، أو ألمًا.
مع عودة الطلاب إلى صفوف الدراسة تعود بعض حالات التنمر بين الأطفال..
تعليقات غريبة عنيفة..
المتنمر نفسه قد لا يُدْرِك معناها..
يُحْتَمَلُ أنه سَمِعَها، وأراد تكرارها..
أو أنه اعتاد على سلوك عدائي في المنزل يُمارَس عليه؛ فأصبح يقلّد هذا السلوك العائلي..
ولربما هو ضحيَّة سابقة للتنمر..
وما يزال الغضب بداخله يفرّغه على الآخرين..
الإيذاء اللفظي والسلوك العدواني فعلٌ بالغ الخطورة؛ يؤثر على التكوين النفسي والجسدي للضحية، يترك أثرًا وعقدًا نفسية.
وهنا يبدأ الدور الإرشادي التكاملي بين الأسرة والمدرسة والمجتمع لمجابهة هذه الظاهرة وعلاجها، والتخلص منها..
بالتوضيح والمكاشفة، ومناقشة الأبناء، وتوعيتهم وتهذيبهم، وإن استدعت الحالة لا مانع من العقاب للمتنمر..
مع غرس المبادئ والقيم الإسلامية وحبّ الناس، والتواضع، وتقبُّل اختلاف الآخر عنا..
وتعريفهم بفضل كفّ الأذى عن الناس.
إذا تربى الطفل على العادات والسلوكيات الدينية الصحيحة لن يقوم أبدًا بالتنمر.
أذكر قصة عابرة سردها علينا محاضر تربوي، وهو مبتسم، في إحدى الندوات المهتمة بتطوير الأشخاص:
(في طريق ذهابه للمسجد طفل في السابعة من عمره يقف في نافذة منزلهم، يردّد نفس العبارة العرقية العنصرية كل يوم بصوتٍ عالٍ. وفي كل مرة يرفع أستاذنا رأسه، ويبتسم للطفل، ويخبره بحبّه له، وأنه لا يلومه ولا يعتب عليه، بل يشفق على والديه).
بعد سماع الحكاية فهمنا سبب الابتسامة!
التربية مسؤولية عظيمة تحتاج إلى تربية النفس أولاً؛ فأبناؤنا مخرجاتنا، يقومون بما نفعل.
يأتي دور الكائن اللطيف المتنمر عليه بتعزيز ثقته في نفسه بذكر مكامن قوته حتى يستطيع الصّد والمواجهة،
تدريبه وتثقيفه بكيفية التعامل مع المتنمر بدون التسبب له بإيذاء لفظي أو بدني؛
نخبره بأن قوة العقل هي المنتصرة.
نحثه على إخبار المدرسين والوالدين، وعدم الخجل والخوف؛ كي يردعوا المتنمر الشقي..
الاستماع له باهتمام عند الشكوى..
احتضانه..
والتصرف بحكمة وهدوء، وعدم تأجيل حل المشكلة.
إن التنمر من أنواع العنف ليست ميزةً وجرأة بعيدة جدًّا عن الشجاعة والشطارة.
ضوء
«الناس الذين يحبون أنفسهم، لا يؤذون الآخرين. كلما كرهنا أنفسنا، كلما أردنا أن يعاني الآخرون».
«دان بيرس»