علي الخزيم
قد يبدو العنوان غريباً أو مُبهماً إلى حدٍ ما؛ غير أن شكل التفاحة تشاهده بين أكثر أفراد الأُسر وأنت تتجول مستمتعاً بالترفيه البريء بالمواقع والتجمعات الترفيهية، أو الواجهات الحديثة الرائعة بمدننا وبحدائقها الغنَّاء التي تشهد تطويراً وتحديثاً متتابعاً غير مسبوق، فهناك لا بد أن يلفت انتباهك مثلاً أطفال بعمر الزهور بأبدان - تبارك الله - ممتلئة ومكتنزة فتدعو لهم بدوام الصحة والعافية، لكنك ستستدرك أن ما بهم ليس كمال الصحة، بل ربما العكس لا سيما إذا لاحظت المُقرمشات والمُثلجات والحُلويَات التي بين أيديهم وبأكياسهم المحمولة، عندها تُدرك يقيناً أن أجيالاً حاضرة ومُقبِلة سوف تعاني من أمراض مُزمنة اقلّها سُكَّر الدم والضغط والدهون بالشرايين وما يتبعها من مضاعفات كثيرة تتزايد آثارها كل عام إن لم يتدارك الإنسان نفسه.
فسُمنَة التفاحة هي رمز عند بعض متخصصي التغذية لتلك البدانة غير المحمودة، فقد أوضح هؤلاء أن ارتفاع مُعدل استهلاك الأسرة السعودية للوجبات السريعة يصل إلى 85 %، ويفسرونه بالتناول شبه اليومي لتلك الوجبات التي وصفوا خطورتها بتشبّعها بالدهون وخلوّها من القيمة الغذائية وارتفاع نسبة السعرات الحرارية، ويؤكد استشاري تغذية بوزارة الصحة أن نسبة مرض السُّكري المرتبطة بالسمنة وصلت إلى 90 % وأن هذا النمط من السُمنة (سُمنة التفاحة أو الكرش) هي الأكثر إصابة بمرض سُكَّر الدم، ويحذر آخرون من التمادي بهذا السلوك مع تغيرات نمط الحياة واستدراجها لهم لتناول مثل تلك الوجبات والمشروبات قليلة العوائد الصحية وضررها المؤكد مع طول الوقت، فتوفرها بالأماكن العامة والأسواق وسهولة طلب توصيلها للمنزل شجّع على كثرة تناولها؛ ثم تَفَاقُم مخاطرها على الصحة العامة، ومن الطريف أن فئة من المتخصصين لا يُلقُون باللائمة على الوجبات فقط؛ بل يُرجعون جزءًا من المشكلة إلى نَمَط الحياة السريع في الوقت الحاضر مما يدفع لتناول وجبات تخلو من أي قيمة غذائية ويُطلق عليها (جنك فود - junk food ) ووجَدت ترجمة عجيبة لها تقول بأنها (الطعام المَرذُول)!
وتشير إحصاءات استهلاك مواطني المملكة للقهوة بأنواعها وصويحبتها الشكولاتة وما يحيط بهما من أصناف الحلويات والكريمات والكعك إلى تصاعد كميات الاستهلاك السنوي، وهو وإن دل على تصاعد مُؤشر جودة الحياة إلا أنه قد ينطوي على منعطفات صحية واقتصادية، وثَمَّت إحصاءات طريفة إلى حدٍ ما حاولت الاستظراف على الشعب السعودي تقول: إن استيراد المملكة من البُن سنوياً يكفي لتزويج ما يقارب 15 ألف شاب (بنك التَّسليف السعودي يُقدِّم لراغب الزواج 60 ألف ريال بلا فوائد)، وكأن المملكة قد استنجدت بهم أو بغيرهم للتفكير بتزويج شبابها، وزادوا بأن الماء المُستهلك لإعداد القهوة يستنزف ملايين اللترات من المياه المحلاَّة الصالحة للشرب؛ وكأننا نقف أمام سفاراتهم نطلب النجدة من العطش (نحمد الله سبحانه ثم حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده التي جعلت جودة حياة المواطن قِمَّة أولوياتها)!
والحديث عن استهلاك الأرز بالمملكة ذو شجون، ومع أن (الكَبسَة) خط أحمر كما يُقال؛ إلا أن للرز دوراً مؤثراً في (سُمنة التفاحة).