فضل بن سعد البوعينين
بدأت أمانة محافظة جدة معالجة المناطق العشوائية، وتنفيذ خطتها التنموية الهادفة لتطويرها وإعادة تخطيط أحيائها السكنية وفق رؤية حضارية حديثة ضامنة لتطوير المنطقة، وتحسين الخدمات، والمرافق العامة، ومعالجة التشوهات، وإزالة التعديات، وترسيخ الأمن المجتمعي، وسد الفجوة التنموية بين الأحياء المتلاصقة.
لم تكن عمليات معالجة العشوائيات مفاجئة كما صورها البعض، بل بدأت قبل أكثر من 12 عاماً تقريباً، بدراسات معمقة لأوضاعها، وطرق معالجتها، وآلية تعويض ملاك العقارات فيها، وفق رؤية تنموية شاملة وقادرة على تحقيق هدفين رئيسين، الأول تطوير العشوائيات وإعادة تنظيمها واستكمال خدماتها ومرافقها العامة وربطها بأحياء جدة بطريقة متناغمة، والثاني الحد من المخاطر الأمنية والمجتمعية لتلك العشوائيات بعد أن تحولت أجزاء منها إلى مناطق إيواء لمخالفي أنظمة الإقامة والعمل، واستغلالها من قبل المروجين كوكر لترويج المخدرات، وملاذ آمن للهاربين من العدالة، ولمخالفي الأنظمة والقوانين والخارجين على النظام. يخيل لمن يزور تلك العشوائيات بأنه خارج المملكة، أو في مناطق تجاوزها الزمن. فتشكلت فيها كنتونات منعزلة تسببت بمشاكل أمنية وأخلاقية حتى لسكانها الأصليين الذين باتوا تحت سطوة المتنفذين في تلك العشوائيات.
في العام 2014 بدأت أمانة جدة إجراءات نزع ملكيات بعض العقارات الواقعة ضمن الشوارع المراد توسعتها والتي تشكل المرحلة الأولى من التطوير، ثم تتابعت المراحل منذ ذلك التاريخ المعلن للجميع. وفي العام 2017 أعلنت الأمانة قرار الإزالة ما يؤكد أن عمليات التطوير والإزالة لم تكن مفاجئة البتة.
ووفق النظام، يفترض أن تتم معالجة العشوائيات التي تشكلت دون مسوغات نظامية، قبل عقود للحد من توسعها، إلا أن التهاون في تنفيذ الأنظمة ساهم في تمدد تلك العشوائيات وتمكين المخالفين من مخالفاتهم المؤثرة سلباً على التنمية والمهددة لسلامة السكان وأمن المجتمع.
تطوير العشوائيات سيسهم في تحويلها إلى أحياء حضارية مكتملة الخدمات والمرافق تضم الأحياء السكنية والمرافق السياحية والمناطق التجارية والاستثمارية، والمباني الجميلة متعددة الأغراض. لا يمكن بأي حال من الأحوال ترك تلك العشوائيات تحت سيطرة المخالفين، في الوقت الذي يتم فيه تطوير أحياء جدة وتحسين المشهد الحضري وتحقيق أهداف رؤية 2030. ولا يمكن القبول بالتحديات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية، والسماح بوجود الفجوات التنموية في المدينة الواحدة، أو التهاون في تحقيق الأمن، وحماية النشء من الضياع.
عانت الولايات المتحدة، وبريطانيا في فترات سابقة من انتشار العشوائيات التي كانت ملاذاً للمهاجرين غير الشرعيين ومخالفي الأنظمة، وبعد بروز المخاطر الأمنية والمجتمعية، وظهور عدد كبير من الأطفال غير محددي الهوية، واستغلالهم، تدخلت السلطات لمعالجة أوضاع العشوائيات وتحويلها إلى أحياء حديثة مكتملة الخدمات، ما جعلها ضمن أفضل المناطق السكانية والتعليمية والاستثمارية.
لا مفر من معالجة العشوائيات بكل حزم وقوة وعدالة، فالأمن والتنمية وحماية الأسر والمجتمع مقدمون على ما سواهم من تبريرات يتشدق بها من لا يضمر الخير لهذه البلاد وأهلها والمقيمين فيها. حملات إلكترونية موجهه ضد المملكة، أو أي قرار إصلاحي تنموي يتم تنفيذه، تدار من الخارج، لتأجيج الرأي العام، وتصوير المشهد بغير حقيقته، حتى أصبح مخالفو أنظمة الإقامة ومنتهكو الأنظمة والمتعدون على الأراضي الحكومية من (أهل الحقوق)! في تغريداتهم وتقاريرهم الصحفية المشبوهة.
نحن في مرحلة الإصلاحات العميقة، والتنمية المستدامة، والتحول المجتمعي الذي يستهدف بناء الإنسان والمكان وصناعة المستقبل وتوفير الحماية التامة للوطن والمواطنين والمقيمين على حد سواء. ونحن في بلد العدالة التي تأخذ في الحسبان حقوق الجميع، دون استثناء، وتتعامل معها بسخاء وأمانة ورحمة، لا تُرى في الدول التي تنطلق منها حملات التشهير الظالمة.