عباس ناصر العمران
المثل الليبي عنوان مقالي اليوم عزيزي القارئ، ونراه متمثّلاً في العديد من محطات حياتنا اليومية. ويُنعت به كلُّ من يهتم ويتتبع النقص والقصور في غيره، ويقضي جلَّ وقته في اقتناص سلبياتهم، متغافلاً عن سلبياته هو وأوجه القصور فيه، فتجده يمعن النظر فيما يجري حوله وينتقده باستمرار، مركزاً على الجوانب السلبية، وغاضًّا الطرف عن الجوانب الإيجابية حتى ولو كثرت! وهذا هو ديدنه، وتلك هي عادته التي دأب عليها! وهي لا شك عادة سيئة، لا يتصف بها إلا السلبيون من البشر.. هل صادفت أحداً بهذه الصفة؟
الجحودُ من صفات الإنسان المقيتة والتي لا يحسن اتصاف المرء بها، ولكننا قد نمارسها دون علم ودراية.
فهناك على سبيل المثال ذلك المسؤول الذي لا يرى حسنات موظفيه الكثيرة؛ فيقفُ مُدققاً في أخطائهم اليسيرة، وزلاتهم الطفيفة التي لا تسبب عرقلةً في سير العمل، فيقع في هذا الفخ الكريه، فيخسر موظفيه وولاءهم وإنتاجيتهم.
وهنا يخطرُ على بالي دراسة أجنبية قرأتها سابقاً توصلت إلى أن من أهم صفات المدير الناجح هي درايته؛ متى وكيف ينبه فريقه عند ارتكابهم أي خطأ. فلدينا مديرون لا يلتفتون إلى الأخطاء الفادحة القاتلة من بعض الموظفين بينما يُظهرون ذكاءهم المفرط في التعليق على بعض الأخطاء الصغيرة. وهذه مفارقة عجيبة تسدّد قيمتها تلك المنشأة لا ريب.
وكثيراً ما تُصادف بينما تتصفحُ مواقع التواصل الاجتماعي ذلك المتذاكي الذي يرى نفسه واعياً ونبيهاً وحازماً، يقف عند كل صغيرة وكبيرة، يكتم الأنفاس، ويشحن القلوب، ويخلق جوّاً من البغضاء والعداوة في المحيط الذي يفترض أن يكون مكاناً للعطاء والريادة.. فلا يغفل عن أدق الزلل وأتفهه، فيعلق على سبيل المثال على الأخطاء الإملائية الطفيفة في خبرٍ ما أو تعليق، وكأنه بذلك يستعرض مهاراته اللغوية على من هم أقل منه مستوى، فلا يجني من ذلك السلوك إلا إشباع الغرور في نفسه، والوصول إلى حالة من الرضا الوهمي، دون أن تجد له أثراً إيجابياً ملموساً على مستوى العمل عنده!
ولا يقل عن هذا سوءًا من يستخف بكل جهد مهما عظم، ومهما بذل صاحبه فيه من طاقة، فيسطّح الجهود، ويقلّل منها، ومن أصحابها، وهذا أيضاً مآله إلى الخسران، خسارة الموظفين، وخسارة العمل والإنتاج والولاء!
عزيزي القارئ إن رأيت هذين النوعين من البشر فابتعد عنهما ما استطعت إلى ذلك سبيلا.