- ليس من السهل أن تكتب عن الراحل علي الهويريني، فلا تدري عمن ستكتب عن الممثل أم المخرج أم الأديب والشاعر أم المثقف أم الفيلسوف.. كان لقائي الأول به عام 1403 في مسرحية تحت الكراسي حينما كنا نقوم بالتدريبات التي استمرت لشهرين كاملين، تلك المسرحية التي كانت بحق أشبه بدورة تدريبية لنا اجتمع فيها كوكبة من جيل الرواد وجيل الشباب مع مخرج جاد (سمعان العاني) كان علي الهويريني - رحمه الله - وهو يشارك في المسرحية أثناء إجازته من بعثته الدراسية في امريكا فاكهة المسرحية في بروفاتها وفي عروضها بشخصيته الشعبية (ابو علي) فراش مكتب المدير يرسم كوميديا شعبية محلية بحتة (بافيهاتها) ونكاتها وقفشاتها وفي نفس الوقت كان في جلساتنا الحوارية معه في الاستراحة او بعد نهاية البروفة حول مستقبل الدراما وتطلعاته للسينما حيث تخصص ومشاهداته في بلاتوهات هوليود، أو في مسارح برودووي، وكان يتشارك مع محمد العلي في تقديم التوجيهات والنصائح لنا كممثلين شباب حول مهارات التمثيل والتوقيت الأمثل لصناعة الموقف الكوميدي، ولعل اشتغالاته الفنية بعد عودته للمملكة سواء كممثل أومخرج أخرت ظهوره كأديب وشاعر، ومن بعدها في طرح فهم مختلف لمضامين قرآنية وإيمانية كان لها صدى واسع لدى المتلقي الذي استطاع الوصول اليه بسهولة بفضل وجود منصات التواصل وبشكل خاص اليوتيوب فكان أثره أكثر انتشارا مما لو كان ظهر في وقت الإعلام التقليدي. وكان للبساطة التي يتحلى بها ويظهر للجمهور بجانب موقده (منقل) أضفى عليه صبغة اسطورية فتساءل الناس بادىء الأمر من هذا؟ وما هذا الطرح الفكري الجديد الذي لم نعهده؟ فاكتشف الناس أنه علي الهويريني.. فهل كان يؤدي دوراً ؟! أم يطرح رأياً ؟! أم ينثر فكراً، لنكتشف ان علي الهويريني فيلسوف يظهر في بيئة لم تعتد بعد على الفلسفة بل كانت تحاربها.. لكنها معه استساغتها وتفاعلت مع طرحه وتساؤلاته وحتى إجاباته عن قضايا فكرية ودينية عقائدية، بحق كان علي الهويريني فيلسوف المسرح السعودي، قد يكون شاخ قبل أن تنهض السينما لدينا فحرمنا من جزء آخر يكمل دائرة الإبداع الهويرينية، الا اننا نتذكر سيرته العاطرة في علاقاته مع زملائه من مجايليه أو من هم أصغر منه من الجيل الذي يليهم، و مسيرته الحافلة بالأعمال الفنية في المسرح والإذاعة والتلفزيون، ونتذكر منها في المسرح: آخر المشوار، قطار الحظ، تحت الكراسي، المشعوذون، بخور كوالالمبور، ازئبق الأحمر، الأجساد، وأوبريت زويان، المال الحلال(من تأليفه وإخراجه) وعرضها في الرياض والبدائع، ومسرحية الأجراس(من إخراجه) ومن الأعمال التلفزيونية: فاعل خير، أيام لا تنسى، يا كد مالك خلف، الملقوف، الأول تحول، يوميات وضاح، السراج، لينة، أحلام ضائعة، العود، أبجد هوز، الخادمة، ولعلي أختم بشيء من إبداعه الشعري- رحمه الله- حيث يقول عن الوطن:
قولوا لمن ذم الديار وعشقه
في غربة الأوطان والأسفار
لو أن كُلّ الأرض صارت جنة
إلا دياري بلقع وصحاري
لوددت أن أبقى بها متشبثاً
في ظل رمث آمن في داري
قسم برب البيت عيش آمن
خيراً من الجنات والأنهار
أولم يروا من حولهم يتخطفوا
والسقف خر عليهم بالنار
لن ترفع القصر المنيف عماده
إن كان أسس على جرف هاري
- رحم الله أستاذنا الفنان علي الهويريني وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.
** **
علي السعيد - عضو هيئة المسرح والفنون الأدائية - وزارة الثقافة
ssaliss@hotmail.com