ـ زميل الدراسة وصديق العمر الأستاذ علي الغوينم مدير جمعية الثقافة والفنون بالأحساء، كتب في أولى صفحات كتابه الذي ينوي إصداره عما قريب ولم يضع له عنواناً بعد، متضمناً الكتاب عدة مقالات وحكايات وذكريات عايشها منذ نعومة أظفاره حتى الآن، كتب تحت عنوان ـ اعترافات طالب جامعي اسمه علي ـ إحدى ذكرياته أيام دراسته بجامعة الملك سعود ـ بكلية التربية قسم علم النفس، يقول فيها (في وقفة صادقة لمراجعة النفس والنظر للمستقبل الدراسي بشكل جاد بعد أن تماديت كثيراً في المشاركات المسرحية والأنشطة الثقافية لدرجة أني نسيت كوني طالبا ينتظره مستقبل ـ 1401 هـ ـ أعلنت للصديقين ـ راشد ومشعل ـ رغبتي بالعزم على الابتعاد عن مسرح الجامعة وعن الرحلة التي تنظمها اللجنة الاجتماعية في الكلية ـ كلية التربية بجامعة الملك سعود بالرياض ـ إلى مدينة أبها وعن أي نشاط خارج إطار الدراسة والتحصيل العلمي لأني سأغير مسيرة حياتي وأتفرغ بشكل جاد للمذاكرة والدراسة، وأكون طالبا مجدا يسير خلف هدف واحد وهو التخرج من الجامعة وبتفوق، كان الاحترام لرغبتي منهما واضحاً مع بعض نظرات الاستغراب الممزوجة بالابتسامات الساخرة مع محاولة منهما لتغيير هذا القرار لا سيما أنني أسير بشكل لا بأس به في الدراسة ومطالبتهما لي بالذهاب والاستمتاع معهما في الرحلة فهناك متسع من الوقت للمذاكرة، ولكن كنت مصراً وحاداً في موقفي، بل نصحتهم باتخاذ القرار نفسه والاستعداد للاختبار المقبل لأنه صعب للغاية وأستاذ المادة (الدكتور أشرف) شخصية جادة في التعامل مع الطلاب ونسبة من يجتازون مادته أقل من 30 في المائة من الطلاب، باءت محاولاتهما بالفشل ولم أستطع إقناعهما بوجهة نظري، تفرغت للمذاكرة وسافر الصديقان مع فريق الكلية إلى مدينة أبها، أما أنا فلن أضيع دقيقة واحدة لغير الدراسة فهي الهدف الرئيس لمجيئي من الأحساء إلى الرياض وحيدا معتمداً على الله أولاً ثم على الاجتهاد والتحصيل العلمي لا بد وأن أغير في طريقة حياتي فالمسرح والنشاط الثقافي والاجتماعي ليست الهدف الذي جئت من أجله إلى الرياض، لقد تماديت كثيراً في التوجه إلى الأنشطة أكثر من اللازم ولا بد من العودة إلى حياتي العلمية كطالب في الجامعة فقط دون أي ارتباط آخر فهناك أب وأم وأخوة وأخوات ينتظرون ـ علي ـ الجامعي بنتائجه المشرفة لهم وبقائي بعيداً عن هدفي الحقيقي فيه مضرة على مستقبلي، لقد بلغ الحال بنا بأن ناداناحد الطلاب الموجودين معنا في أحد المحاضرات عندما دخلنا نحن الثلاثة إلى القاعة بقوله: أهلاً ومرحبا بالمفتشين!! وهي دلالة على غياباتنا الكثيرة المحملة بأعذار رسمية نأخذها من عمادة شؤون الطلاب بالكلية نظير مشاركاتنا، فشبهنا هذا الطالب بالمفتشين لأن زياراتهم نادرة!! أيضاً ساتخذ قراراً صعباً بتخفيف تواصلي مع مشعل وراشد وسأعود إلى غرفتي وحيداً فنحن الثلاثة مرتبطون ببعض بشكل لا يصدق، حتى إنني تركت غرفتي وعشت معهما في غرفة واحدة في السكن الجامعي وهي في الواقع لا تستوعب سوى شخصين، جاء وقت الاختبار وتم توزيع الأسئلة وكنت متسلحا بالمذاكرة بعد أن تفرغت كثيراً لها وانقطعت عن الأصدقاء وحيداً في غرفتي بالسكن الجامعي في الدرعية، بينما مشعل وراشد استعدا بشكل عادي قبل الاختبار بوقت كاف، جاء وقت الاختبار الشهري وكنت حريصاً على إجابة كل الأسئلة بل وضعت الكثير من آرائي ومقترحاتي في ثنايا الإجابات ليعلم الدكتور مدى ما وصلت إليه من تفوق!! خرجت من القاعة مرتاحا وعلامات الرضا تبدو واضحة على ملامحي، لم لا وقد بدأت أسلك طريقاً مختلفاً وأطارد مستقبلا جميلاً جئت من الأحساء كي أحققه وسيبارك الصديقين العزيزين مدى التغير الكبير الذي طرأ علي وسيتأثران به ويتفرغان للدراسة والتحصيل العلمي كما أفعل الآن، في اليوم الثاني جئت للمحاضرة ولم أرافقهما في سيارة راشد كالعادة فلا بد من الابتعاد عنهما لفترة طويلة لأتعود على حياتي الجديدة أولاً وثانياً حتى أسجل حضوراً مبكراً وأحصل على كرسي في الصفوف الأولى ليشاهدني الدكتور عندما أرفع يدي للإجابة على أسئلته اليومية كما يفعل المجتهدين وبعيداً عنهما لأني (ناوي أتغير) لا مسرح لا رحلات لا أنشطة، بعد اكتمال الطلاب حضر الدكتور ومعه أوراق الإجابة والدرجات وبدأ بالإعلان عنها لجميع الطلاب وكانت من ضمن النتائج ــ راشد 18 من 20 ــ مشعل 17 من 20 ــ علي الغوينم صفر من 20 ــ لن أخبركم عن كمية السخرية من مشعل وراشد عندما قاداني بالقوة لأركب معهم في السيارة وأتعرض لأقوى ـ طقطقة ـ مازالت تلاحقني منهما حتى اليوم!! وحتى أسلم من ـ طقطقتهم ـ تجاوزت هذه المادة في الاختبار النهائي بعد أن عدت إلى ما كنت عليه وتركت ــ الصمله الغلط!! ــ وأبطال الحكاية هم: الأول الدكتور راشد الشمراني الأخ والصديق والفنان المعروف، الثاني مشعل الرشيد الأخ والصديق المعلم والصحفي والكاتب المسرحي المعروف، الثالعلي الغوينم ـ 5 يناير 2022 م).
ـ انتهت اعترافات طالب جامعي اسمه علي!!
** **
- مشعل الرشيد