د. صالح بن سعد اللحيدان
الروايات والآثار جزماً تحتاج إلى التحسس من صدق المنقول ووضوح الرواية وعرضها على أصول التثبت من حالة ووقائع الحاصل منذ أقدم العهود، فليس هناك رواية، وليس هناك خبر، وليس هناك أثر إلا وله أصل يقوم عليه، وما لم يكن كذلك فليس إلا حطب ليل بهيم، وتلقف على علات لا تقوم.
وأصدق النظر وأدق الحاصل ما ورد من قرابة 356 نصاً في الصحيحين، وعند الترمذي، وأبي داود، وابن ماجة، والنسائي، وابن خزيمة، وعبدالرزاق الصنعاني،
فهذا من أقدم ما جاءنا من الروايات عن الأمم وأخبار القرون.
وقد اهتبلتها نظرة ثم نظرة أخرى، فطالعت شيئاً من كتاب «كتاب الملوك وأخبار الماضين» لعبيد بن شرية الجرهمي ت 70 وأصل هذا أن معاوية سمع به، فرغب إليه أن يأتي من اليمن فجاء، وكان معاوية -رضي الله تعالى عنه- يحب سماع الأخبار لأخذ الحكمة وعدم الوقوع في الزلل، فكان عبيد يروي وغلمان معاوية يكتبون ما يقول من أخبار وروايات وقصص وآثار وحكم وأمثال.
هذا مجمل القول فيم يمكن قوله عن كتاب عبيد، ولكن هناك دلائل في أساسيات النقد وأصول الروايات وقواعد نظر الأسانيد وأحوال الرواة، تبين لي من خلال ذلك عدم صحة ذلك منها.
لا يوجد سند صحيح. معاوية صحابي وأخبار الصحابة مدونة بأسانيد متصلة غرابة ما في هذ الكتاب أقرب ما تكون إلى الأساطير المهولة المبالغة في أوصاف يستحيل على العقل أن تقع. تهويل بعض الحوادث وذكر غرائب لا تحصل حتى في جانحات الأساطير. ركاكة الأسلوب فلا يمكن أن يكتبه إلا المولدون، ولهذا فمقياس الطرح العلمي ينفي أن يكون قد دون ما بين عام 40 إلى عام 60 مدة خلافة معاوية وليس هنا ثمة نكير.
وأما كتاب الأغاني فقد قال الإمام الذهبي في «ميزان الاعتدال» م3 ص123 وكان يأتي بأعاجيب بحدثنا وأخبرنا.. يريد أنه يحطب ليلاً.
وقال ابن الجوزي في «المنتظم» م7 ص40 و41 ومن تأمل كتاب الأغاني رأى كل قبيح ومنكر. أه
وقال الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» م11 ص398 كان يشتري كثيراً من الصحف ثم تكون كل رواياته منهاط.
يريد أنه يسطو لكن دون تثبت.
يعني كأنه كتاب «نهج البلاغة».