مسعدة اليامي - «الجزيرة الثقافية»:
يتحدث لقراء الجزيرة الثقافية من خلال نوافذ أطل من خلالها بكتاباتهِ المتباينة على القراء, الكاتب الصحفي السارد الاستاذ جمعان الكرت: القارئ الحصيف يحدد نوعية المادة الصحفية الجيدة, ويصعب القول بعودة الصحافة الورقية إلى مجدها السابق، إلا أن أصالتها، وتاريخها الطويل يظل محفوراً في الذاكرة، وجديراً بالاحترام.
* هل الموهبة وحدها تكفي، وماذا تحتاج حتى يتمكن المبدع من أدواته؟
- الموهبة هي الأساس لنجاح أي عمل إبداعي، إلا أنها لا تكفي بطبيعة الحال ما لم ننميها بالقراءة الواسعة والممارسة الفعلية والتحليق في فضاء الجمال والإبداع.
* الشرفة الأولى التي نريدك أن تحدثنا عنها الصحافة ماذا يعني لك ذلك العالم، ومنذُ متى بدأت مشوارك في صاحبة الجلالة؟
- تحمل الصحافة في جعبتها كل جوانب الإدهاش والإثارة والمعرفة فهي ثقافة لمن أراد ومعرفة لمن سعى وتسلية لمن رغب، وبدأ مشواري تلميذا صغيرا في مدرسة الصحافة حين كنت طالبا في جامعة الملك عبد العزيز بكتابة المقالة في الشأن الرياضي عبر الملحق الرياضي بصحيفة المدينة.
* ما أول أعمال قدمت في الصحافة وأي الفنون الصحفية قريب إلى فكرك؟
- في بواكير عملي كان اهتمامي بالرياضة، إذ كان لانتقالي من قرية صغيرة تتسنم جبال السروات «رغدان» إلى مدينة جدة المدينة الفسيحة الصاخبة بالأخبار والتنافس الرياضي مما جذبني هذا المناخ إلى الرياضة. لذا دربت نفسي على التحليل الرياضي وتسنت لي فرصة الحضور مع قامات عالية كان الملحق الرياضي يستكتبهم, ولكون الحنين للقرية يتجذر في وجداني لم أنس رغدان فكتبت عنها بما يروق لي انذك.
* كم من الوقت تنفق في قراءة الصحف، وما أهم الصحف التي كنت تتابع ؟
- كنت شغوفا بقراءة الصحف حيث تسنت لي فرصة وجودي في جامعة الملك عبد العزيز والاستفادة من مكتبتها العامرة بشتى أنواع المعرفة، لذا أجد نفسي تلقائيا في داخل المكتبة بعد انتهاء المحاضرات. وبالفعل كانت لحظات استمتاع قرائي، ولا أتوقف عند صحيفة معينة فكل واحدة منها لها نهجها وأسلوبها وكتابها المحترمون.
* ما المهارات التي اكتسبتها طوال الكتابة الصحفية وتوصي بها الكتاب الجدد؟
- الصحافة مدرسة بحد ذاتها ولا ريب فالاستفادة منها وارد، ومن المهارات التي اكتسبتها تنمية ثقافتي وأفقي المعرفي فضلا عن الاستفادة من الخبراء المتميزين سواء في كتابة المقالة أو الاستطلاع الصحفي وغيرهما من فنون العمل الصحفي.
* في ظل هذا الانفتاح الفضائي كيف تحافظ الصحافة على أصالتها وتاريخها الطويل؟
- من سنن الحياة التغيير ومواكبة الانفجار المعرفي والتنامي التقني، ويمكن رؤية انحسار الصحف الورقية في الفترة الراهنة يقابل ذلك زيادة انتشار وحضور الصحف الرقمية مما جعل القائمين على الورقي فتح نافذة رقمية تبث صحفها إلى جانب الورقي، وهنا يصعب القول ان تعود الصحافة الورقية إلى مجدها السابق إلا أن أصالتها وتاريخها يظل محفورا في الذاكرة وهي جديرة بالاحترام.
فبالممارسة الصحفية من خلال صحيفة الرياض ابتدأت عملي، وبعدها استلمت إدارة مكتب صحيفة البلاد في الباحة في الفترة القينانية، لأنتقل فيما بعد محرراً في صحيفة الوطن كل ذلك جعلني استفيد كثيرا، ولاسيما أن هناك قامات عالية يحتذى بها، وبنهجهم أمثال: الراحل تركي السديري، والدكتور هاشم عبده هاشم، والاستاذ خالد المالك، والاستاذ قينان الغامدي، والاستاذ منصور عثمان الزهراني وغيرهم، وتلك القراءات المستمرة نمت مهارتي في صياغة الخبر وإعداد الاستطلاع الصحفي وإجراء المقابلات.
* ما القواعد التي كنت تنتهج من أجل كتابة مادة صحفية بجودة عالية؟
- النجاح حلم يسعى كل شخص أن يناله والصحافة ماكينة ضخمة تلتهم كل الأعمال لتقدمها وبشكل سريع للقارئ في اليوم الثاني، والنجاح يحدده القارئ الحصيف بنوع المادة الصحفية ووجدت نفسي في الجولات الميدانية التقي المواطنين وأجس نبضهم وأنقل مطالبهم.
النافذة الثانية
* متى كتبت المقال وأي أنواع المقال تكتب؟
- بدأت كتابة المقالة تراودني وأنا أدرس في المرحلة الثانوية، فمعلم اللغة العربية مصري الجنسية كان مشجعا لطلابه في كتابة المقالة من خلال مادة التعبير واستحسنت واحدة من تلك الأعمال لأقدمها إلى صفحة سوق عكاظ وهي مخصصة للقراء، وأذكر عنوان المقالة « الوطنية الحقة» وهي مقالة إنشائية وحظيت بالنشر لتكون محفزا في الاستمرار في كتابة المقالات الاجتماعية والثقافية.
* كيف تستعد لكتابة مقال سواء كان ثقافيا أو اجتماعيا وكم من الوقت تستغرق في قراءة المواضيع والمقالات التي تغذي أعمالك؟
- ترتبط الكتابة بالجانب المزاجي وتنقدح الفكرة بالتقاطها من الأحداث سواء الداخلية أو الخارجية ليتم صياغتها بالطريقة التي أراها مناسبة.
* قراءتك لصحيفة آراء سعودية المتخصصة لكتابة المقال وعرضه صوتياً، وهل حققت أثرا ملموسا في المشهد الثقافي وكم مقال تقدم لها في الأسبوع؟
- صحيفة آراء سعودية اختصت بنشر المقالات فقط واستكتب الكثير من كتاب المقالة على مساحة الوطن، وعززت القراءة الصوتية ليمكن الاستماع والاستمتاع من خلال الوسائل التقنية الحديثة, أسلوب انتهجه القائمون في الصحيفة بقيادة رئيس التحرير الاستاذ عبد الوهاب العريض الذي أكن له الشكر والتقدير لمعرفتي السابقة به في صحيفة الشرق، وتعزيز ذلك من خلال آراء سعودية وكتبت ما يزيد على مائة مقالة في الصحيفة الصوتية.
النافذة الثالثة
* كتابة القصة منذ متى بدأت مشوارك في كتابة القصة القصيرة والقصيرة جداً؟ وما أهم الأدوات التي تستعد من خلالها لكتابة القصة وكم من الوقت تأخذ منك القصة حتى تشعر أنها أصبحت جاهزة للنشر؟
- كنت مهووسا بقراءة القصة القصيرة منذ المرحلة الجامعية ولاسيما أن أخي مهدي الكرت يجيد كتابة القصة القصيرة واستفدت من تجربته كثيرا، فضلا عن انكبابي على قراءة هذا الجنس الأدبي أثناء وجودي في الجامعة واطلعت على تجارب الكثيرين أمثال المشري وحسين علي حسين ومحمد علوان وغيرهم.. وكانت القصة الأولى «معنونة بأسماء الناجحين ونشرتها صحيفة الجزيرة لتكون المحفز الأجمل في الاستمرار في طرق هذا الباب الأدبي الجميل، وبعد أن عدت إلى الباحة معلما في المرحلة المتوسطة لمادة الجغرافيا كتبت عددا من القصص لتحتويها مجموعة فضة والتي حظيت بقراءات نقدية من عدد من المختصين وتبعها مجموعات أخرى عناق، سطور سروية، بوارق، وميض الرماد، أنين الجبل وعلى ضفاف وادي قوب.
للقصة معمارها البنائي وفضاؤها الإبداعي وتختلف القصة القصيرة عن القصة القصيرة جداً وكل جنس له أسلوبه وطريقته وفنه، أما الوقت يختلف من نص للآخر إلا أنني عندما أشعر بأن القصة مناسبة للنشر تنتهي علاقتي بها عندما تصافح عيون القراء ولكل فرد إبداء رأيه وبالفعل استفيد كثيرا من آراء الكثيرين.
* كتبت القصة القصيرة جداً (ق, ق، ج) ما رأيك في ذلك النوع القصصي؟
- القصة القصيرة جداً وهي عبارة عن كبسولة مضغوطة ومكثفة من الكلمات القليلة التي تختزل مساحة زمنية واسعة وتعطي دلالات وتسمح بتشظي الأسئلة.. البعض يعتبرها الميسم الجديد الذي يواكب التنامي السريع والانفجار المعرفي والتقني.. وربما مشاغل ومشاكل الإنسان في قادم الأيام تجعله يخضع لصيرورة الحياة فيقبل على الأعمال الإبداعية المختصرة والتي ينفر كاتبها من الإطناب ومن التفاصيل الحياتية الوصفية ليوجز.
* مجموعة وميض الرماد من نوع (ق, ق, ج) ماذا أضافت لها الترجمة؟
- فكرة الترجمة فكرة نحاها عدد من أصدقاء الحرف وخضت التجربة، إذ عرضت مجموعة « وميض الرماد» على دكتور في جامعة الباحة يمتلك الحس الأدبي فضلا عن قدراته البارعة في الترجمة، وبالفعل تم ترجمتها بالكامل لتنال جائزة الباحة في الإبداع الأدبي.
* ما رأيك في فكرة جمع الأعمال القصصية في كتاب وهل تراودك الفكرة في أن تجمع مجموعاتك القصصية في كتاب؟
- فكرة جمع الأعمال القصصية واردة في ذهني ولاسيما أنه توثيق وحفظ للحقوق ومن مزاياها سهولة حصول القارئ على كل الأعمال ويمكن أن يتناولها الناقد الأدبي.
* نبارك لك فوزك بالقصة الخبرية فهل استفدت في كتابة القصة الخبرية من خبرتك في الكتابة القصصية؟
- حين طرحت هيئة الصحفيين السعوديين مسابقة في عدة مجالات أدبية وثقافية بمناسبة اليوم الوطني تقدمت بنص قصصي لينال الجائزة، وهنا أشكر القائمين على الهيئة وعلى رأسهم الاستاذ خالد المالك وجميع القائمين في الهيئة الذين أفسحوا المجال للمهتمين بالأدب والثقافة والصحافة للتعبير عن مشاعرهم الحقيقية تجاه وطنهم الغالي وقادتهم - حفظهم الله -.