د. أبو أوس إبراهيم الشمسان
هذا الكتاب ثمرة جهد ومثابرة شديدين زوى تاريخ هذا الدرس، فاستغرق 120 سنة (1322-1442ه)، كتب بتؤدة وروية وصبر. استطاع مؤلفه القدير الأستاذ الدكتور فريد بن عبدالعزيز الزامل السليم أن يصطفي من جملة ما اجتمع لديه من معلومات خلاصة بينت جوانب هذا الدرس في عمل رائد هو حري بأن يقتفى وأن يفصل ما أجمله، وأن لو أتي بكل ما حصله بوجادة أو مشافهة أو قراءة لكان كتابه من أجزاء ذوات العدد، امتاز تقديمه لمثل هذا الدرس باستقصاء وإلمام بالقدر الذي يفي به الغرض مع تعليقات ونقد موجز فيه عمق وحيدة، حتى لم يستثن نفسه من النقد، قال عن (مختصر مغني اللبيب) لابن عثيمين، الذي كلف العناية به حين نشر، «وأما العناية العلمية بالكتاب، فأبرز ما يؤخذ عليها وهم المعتني...» ص103، وفي موضع آخر ص126 قال عن كتابه (مسائل ملجئة المتفقهين إلى معرفة غوامض النحويين لابن العربي) «وقد استُدرك على المؤلف مواضع على شرطه ولم يدرسها»، وفي ص152 قال عن تحقيقه (الغرة في شرح اللمع) «ولم يخل التحقيق من بعض الأخطاء».
جاء البحث في أربعة فصول، أولها عن التعليم الذي يتلقاه المتعلمون في حلقات المساجد، وقد ألم بمعظم من تصدى لهذا اللون من التعليم، ولم يقتصر فيه على ما كان منه قبل التعليم النظامي؛ بل تناول من درسوا في الحلقات من أساتذة المعاهد والجامعات، وربما كان الدارس قبل التعليم النظامي تناله إجازة بعد ختامه ما تعلمه؛ ولكن ذلك توقف بعد التعليم النظامي.
وأما الفصل الثاني فجعله للتعليم النظامي، وعالج فيه جوانب مختلفة فبدأ بالتعليم العام فالمعاهد العلمية التي أنشأها مفتي المملكة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، ثم التعليم الجامعي الذي بدأ بفرعٍ لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وكليات لوزارة المعارف وللرئاسة العامة لتعليم البنات ثم انتهاء كل ذلك إلى جامعة هي جامعة القصيم.
وأما الفصل الثالث فجعله الأستاذ الدكتور فريد عن التأليف في النحو واللغة، وبدأ في مطلبه الأول بما ألف لغرض غير أكاديمي، ويقصد بذلك أنه ليس من الرسائل العلمية ولا من البحوث المحكمة التي يتقدم بها أصحابها للترقية ولا من تحقيق التراث، وشمل حديثه ما كتب قبل التعليم النظامي، كالمنسوب إلى الشيخ السعدي أو المانع، وما كتب بعد ذلك مما يعده غير أكاديمي، ودرس في المبحث الثاني الرسائل الجامعية، ولم يصف هذا المطلب بأنه ألف لغرض أكاديمي وإن كان يريد ذلك، والتزم بعرض رسائل أساتذة جامعة القصيم المطبوعة وبأبرز رسائل علماء القصيم المطبوعة ممن يعملون في مناطق أخرى، ولو عرض الرسائل كلها منشورة وغير منشورة لكان أنفع، وأما رسائل من يعملون خارج القصيم فلا أراها داخلة في موضوع الكتاب وكذلك أعمالهم الأخرى. وساق ذكر الرسائل من غير ترتيب. وكان المبحث الثالث من التأليف لتحقيق التراث ولم يصفه بأنه لغرض أكاديمي، وجاءت الأعمال غير مرتبة، ولكن هذا الحديث عن التحقيق مبين لسهمة هذه المنطقة بالعناية بتراث العربية، وهي سهمة مشهود لها بالدقة ورعاية أصول التحقيق، وكان المبحث الرابع من التأليف عن البحوث المحكمة، ولم أره عرض هذه البحوث؛ لأنها كثيرة؛ ولكن كان يمكنه أن يصنفها حسب اتجاهاتها وأغراضها، ويتحدث حديثا عامًا عنها؛ ولكنه جبر ذلك بمسرد لها ألحق بالكتاب، وأقحم في هذا المبحث جدولًا مثّل فيه للبحوث المؤثرة حسب الاعتماد عليها والرجوع إليها؛ ولكن يؤخذ على هذا الجدول أمران أحدهما أنه غير خاص بالبحوث؛ إذ أدخلت فيه كتب، والآخر أنه أدخل فيه من المؤلفين من ليسوا من القصيم ولا ألفوا وهم فيها.
وأما الفصل الرابع فهو مثال لاستقصاء المؤلف جوانب البحث، وقد جعله عن المجالس الخاصة والمكتبات والنشاط الإعلامي والمجتمعي. وجاءت مباحث هذا الفصل معالجة الدروس الخاصة والمكتبات وأثرها وما تضمنته المراسلات والفتاوى مما يعد داخلًا في الدرس النحوي واللغوي ثم النقد النحوي واللغوي الذي تضمنته دراسات دارت حول جهود علماء القصيم، وتناول النشاط الإعلامي، وذكر بعض أمثلة من غير استقصاء. وختم الكتاب بخاتمة ضمت نتائج البحث.
هذا الكتاب الذي نشرته دار الثلوثية في عام 1443هـ الموافقة عام 2021م كتاب جدير بالقراءة.