اطلعت على ما كتبه د. ابن طما في عدد الأسبوع الماضي بعنوان: (تعمير أبناء المهاجرين والأنصار أودية المدينة المنورة.. وادي الفرع أنموذجاً)، وهو مقال حشد فيه الكاتب النصوص التي تشير إلى اتخاذ بعض الصحابة؛ وبخاصة من المهاجرين والأنصار، الإقطاعات والضياع في الأودية المحيطة بالمدينة النبوية، وقيامهم بعمارتها وزراعتها؛ غير أن الكاتب لم يوضح مصير تلك التملكات، التي آل معظمها إلى القبائل التي نزلت في قرون مبكرة بين الحرمين، وتوسعت ديارها بين مكة والمدينة وينبع، وسيطرت على طرق الحج، وبالأخص قبيلة حرب التي نزحت من اليمن واستوطنت ما بين الحرمين في القرنين الثاني والثالث، بعد أن ضعفت القبائل الحجازية التي خرجت شوكتها مع جيوش الفتوحات، أو أنهكتها الصراعات الداخلية، وهذا ما نص عليه مؤرخو الحجاز واليمن، ومن ذلك ما نقله ياقوت الحموي، عن العالم أبي زيد البلخي (ت322هـ) الذي قال وهو يتكلم عن ودان: «...وبها كان مقامي عندما كنت رئيساً للجعفريين- أعني جعفر بن أبي طالب- ولهم بالفرع والسائرة ضياع كثيرة، وبينهم وبين الحسنيين حروب ودماء حتى استولى طائفة من اليمن يعرفون ببني حرب على ضياعهم، فصاروا حرباً لهم فضعفوا» مجلة العرب، س3، ص984).
والنصوص بهذا الشأن كثيرة لا يتسع المجال لذكرها..
ولولا أني أعرف توجهات الكاتب من خلال تغريداته وكتاباته السابقة، لما جزمت بأنه تعمد السكوت عن ذلك ولم يعلق على نص البلخي، الذي مر عليه مرور الكرام، فضلاً عن سكوته عن نصوص علماء آخرين مثل الهمداني، وابن فضل الله العُمري، والجزيري، وغيرهم، سعياً لإيهام عامة أبناء القبيلة التي تتربع على تلك المناطق لأكثر من عشرة قرون، ولم تنتسب يوماً إلى المهاجرين والأنصار، ولم يقل أحد من أهل العلم، بأنهم هم بقايا المهاجرين والأنصار على مر التاريخ بما في ذلك من صنفوا كتباً في أنساب الأنصار والأشراف أو القبائل الحجازية وآخرهم علامة الجزيرة حمد الجاسر، ونسابة الحجاز عاتق البلادي!
هذا ما أحببت إيضاحه بيانا للحقيقة، والله من وراء القصد.
الثقافية ترى أن النقاش قد استُكمل وتقفله معتذرةً عن نشر ما قد يصل إليها في الموضوع مستقبلًا مع شكر جميع الباحثين
** **
- د. فايز البدراني