عثمان بن عبدالمحسن العبدالكريم المعمر
يؤلمني ويحز في نفسي كثيراً عندما تبصر عيني بعض الشوارع مضاءة على مدار الأربع والعشرين ساعة، وأتساءل عن مَنْ هو المسئول عن هذا الإسراف والتبذير الذي نهى عنه ديننا العظيم وغلظ فيه. هل لدينا مشتقات بترولية زائدة أو إنتاج كهربائي فائض، أم أن لدينا مصانع لمحطات الكهرباء ومحولاته، بل وشمعاته أم أننا بلاد كثيرة الغيوم والظلام نهاراً وهل لدينا فائض من المياه الحلوة التي تحتاجها المحطات أم لدينا من الأموال التي لا ندري أين ننفقها. أقترح التركيز قدر الإمكان على استخدام والاستفادة من استعمالات واستخدامات الطاقة الشمسية المتوفرة لدينا على مدار العام، فنحن وليس اليابان بلاد الشمس المشرقة، وهذه نعمة كبرى من نعم الله على بلادنا الشاسعة، قبل سنوات بعيدة بدأت اليابان بتصنيع وتعليب الهواء النقي وهي بلاد ليس لديها إلا القليل من الأماكن التي يتوفر فيها هواء غير ملوث، فمن المعلوم أنها بلاد ذات جزر متفرقة تعج بالبشر النشطين والمتقدمين في كل المجالات في التعليم بكل فروعه وشعبها شعب نشيط مخلص ومحب لبلاده حتى أنه يرفض أخذ إجازة سنوية ويعطي من جهده ووقته أكثر مما هو مطلوب منه حباً لوطنه ومساهمة في رفاهه وتقدمه ومنافسته العالم المتقدم، بل إن إمبراطور اليابان عندما قررت اليابان الاستفادة مما لدى الغرب من العلوم التي سبقوا بها اليابان بعثوا بأبنائهم للولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا والبلاد الإسكندنافية ليكتسبوا وينهلوا مما لديهم من لغات العصر والمهارات التي لا توجد لديهم، وعندما عاد البعض منهم بعد سنوات ولم يحققوا ما ابتعثوا من أجله، ربما بسبب عامل اللغة أو بسبب نظام الحياة الغربية مما أغضب الحكومة اليابانية وتصرفت مع هذا البعض بكل شدة وغلظة مما جعلهم عبرة لغيرهم، كذلك فإن إخلاص وحب اليابانيين لبلادهم جعلهم يضحون بأرواحهم بما أسموه الكمكازي، وهو أن يقذفوا بأنفسهم من الجو على تجمعات الأعداء، مما زرع الخوف والتقدير معاً في نفوس أعدائهم، والشيء بالشيء يُذكر، فقد كان العرب المسلمون الأوائل عند فتح بلاد الغرب كانوا أشداء مرهوبي الجانب فبعث ملك إسبانيا بجواسيس ليعرفوا ما لدى هؤلاء القوم المتخندقين على حدود بلاده، كيف يعيشون وينظمون أنفسهم وليأتوه بالتفاصيل عن كل ما يرونه وأخبار هؤلاء الذين يتقدمهم الرعب، وعندما رأوهم يستاكون ظنوا أنهم يسنون أسنانهم ليأكلوا من لحوم أصحاب البشرة البيضاء منلكفرة، فزاد رعب قادة الجيوش من هؤلاء الوحوش القادمين من الصحراء وبلدان الجوع والفقر، فأنزل الله الرعب في قلوبهم وما فعله اليابانيون في الحربين العالميتين الأولى والثانية زرع الخوف منهم، ولكن لما سرقت أمريكا وروسيا أسرار القنبلة النووية من الألمان، وأخذوا كذلك العلماء وطوّروا قنابلهم النووية تصرفوا تصرفاً وحشياً ضد الشعب الياباني بعدما دمر الأسطول البحري الأمريكي في ميناء برل هاربر في مدينة هاواي، ألقوا على اليابان قنبلتين نوويتين وليست واحدة على مدينة نجزاكي وأخرى على مدينة هيروشيما، مما قضى على البشر والحجر ونشر الأمراض والإعاقات والتلوث الى يومنا هذا، وهذه الوحشية بسبب أن لا دين ولا خلق يردعهم، وركَّعوا اليابان، ولكن اليابانيين أشبه بطيور الفنيق لم يستسلموا الى الأبد وإنما قاموا من كبوتهم وأعادوا بناء بلادهم وحققوا ما يشاهده العالم اليوم بإعجاب كبير، وأعادوا بالتعليم الممنهج بناء المصانع وغزوا العالم بكل المنتجات، واستفاد الصينيين منهم كثيراً ومشوا على نفس المنهاج، وبدأوا في منافسة اليابانيين، وكذلك الغرب، ومثلهم في ذلك كوريا الجنوبية والعالم الثالث لا يزال في سباته يستهلك ويتفرج ويتحدث بإعجاب عن هذه الشعوب الصفراء أو بلدان يأجوج ومأجوج. أعتذر إن أخذتني هذه الأفكار بعيداً عما كنت بصدد الحديث عنه، ولكن أعجبتني فكرة جديدة فرجوا بها على العالم ألا وهي تعليب الهواء النقي وبيعه وتصديره للعالم من ضمن الصادرات اليابانية الكثيرة والمتنوعة مما جعلني أقول حبذا لو تم تعليب الهواء النقي لدينا، بل وإن تطورت التكنولوجيا بتعليب الشمس وتصديرها فهذه نعم من الله وشكرها ليس بالقلب واللسان فقط وإنما باستغلالها اقتصادياً وتصديرها لكل دول العالم، فهي رسالة محبة وسلام من المملكة لكل الشعوب وتعريف بها وبالدين العظيم الذي يظللها ويحقق لأبنائها والمقيمين على أرضها الطمأنينة والسعادة والرفاه.
وقبل أن أختم أطفئوا أنوار بعض الشوارع نهاراً، حققوا الاستفادة القصوى من الطاقة الشمسية بإضاءتها بل وإضاءة الطرق الخارجية ولا سيما التقاطعات والجسور والمدن الصغيرة كبداية ثم تعميم هذا الأمر في كل مناحي الحياة.
والله الموفق.