عطية محمد عطية عقيلان
أُسدل الستار على رالي داكار السعودية لعام 2022م، وأقيم في المملكة للمرة الثالثة على التوالي، وسط مشاركة 1065 متسابقاً يمثلون 70 دولة حول العالم، بمجموع 578 مركبة تمثل فئات السباق المختلفة (السيارات والشاحنات والدراجات)، وسيستمر أقامتها في المملكة حتى عام 2030م، وللراليات عشاقها ومتابعيها من مختلف دول العالم وتحظى بتغطية إعلامية وتداول على كافة منصات التواصل الاجتماعي وبعدة لغات، وهي طريقة مؤثرة ومهمة لتسويق السياحة في السعودية من خلال التعريف بالطبيعة والمناظر الخلابة والمتنوعة بمختلف التضاريس الجغرافية الساحرة، ولم يخلُ هذا السباق من تداول لقطات عفوية والتي انتشرت في كافة وسائل الاعلام، سواء من متابعي السباق في أرض الواقع أو من المتسابقين أنفسهم وتدوينهم ما حدث معهم وما لقوه من ترحاب وضيافة، وما ميز هذه اللقطات عفوية التعامل وسط التنافس بين المتسابقين والضيافة والترحيب من كافة مناطق المملكة لهم على مختلف لغاتهم، فشهدنا الطفلة في الدوادمي تترجم لأبيها ترحيبه للمتسابقة بطريقة طبيعية ومؤثرة، وفزعة الشباب لصاحب سيارة انقلبت وتعديلها، وشباب آخرين يقومون بمساعدة دراجة متعطلة وتحميلها في سيارتهم، والعديد من اللقطات التي نشرها المتسابقين بأنفسهم عن الضيافة والترحيب من مختلف الفئات، كذلك انتشار محلي وعالمي للقطة صاحب السيارة الوانيت العادية الذي يتجاوز المتسابق البلجيكي مع فارق التجهيزات والإمكانيات وتسليط الضوء على الشباب السعودي الذين قاموا بذلك ، بعيدا عن المخاطرة ولكن الإعلام تداولها بطرافة وركزت على جانب المغامرة لدى البعض والذي يحتاج إلى تهيئة وتوفير إمكانيات، ولكنها في النهاية خدمت التعريف بالسعودية وتنوعه الجغرافي واختلاف مناطقه مع تأصيل أن الشعب مضياف ومرحب ومساعد. لذا يستفاد من رالي دكار السعودية كوجهة تسويقية سياحية، تعرف بالشعب كمضياف ومرحب وتعرض أيضاً الطبيعة المختلفة وبتضاريسها البكر والجاذبة لعشاق الاكتشاف والرحلات والأمان، وهذا كله لم يكن ليحدث لولا وجود احترافية في العمل والتنظيم وفق أهداف مخطط لها، مع توفير الجانب اللوجستي من تصوير احترافي ينقل ذلك للعالم ووجود عناصر بشرية مؤهلة وكفؤة تسهم في نجاحه وإظهاره بالصورة الحقيقة لطبيعة البلاد والناس، ورالي داكار السعودية في نظري يؤسس لتطور فكري وإداري للعمل في تحقيق أهداف رؤية 2030 بتنوع مصادر الدخل والنظر إلى الياضة كعمل احترافي وصناعة مهمة في تحقيق عوائد مالية وتوفير فرص عمل وتعريف بالبلاد، آملين أن تنتقل هذه العدوى في الاحترافية إلى باقي الرياضات المختلفة والتعامل معها كصناعة محفزة للمستثمرين في دخولها والتنافس على التواجد فيها وتطويرها والانتقال بها إقليما وعالميا أسوة بالدوريات العالمية، والاستفادة من التجارب بما تم تحقيه والعمل به في رالي داكار السعودية والفورميلا وموسم الرياض ومعرض الرياض الدولي الكتاب، وكيفية انعكاس تلك التجارب الملهمة في التعامل مع باقي الرياضات كصناعة احترافية وتوفير الدعم التقني واللوجستي وفق منظومة وتشريعات وقوانين تستفيد من الزخم الجماهير لبعض الرياضات ككرة القدم التي تعتبر رافد اقتصادي لدول مثل بريطانيا وإسبانيا وإيطاليا وتوفر مئات آلاف الوظائف والدخل لمدنهم، آملين أن نرى أنديتنا تتحول إلى رافد اقتصادي يسهم في الاقتصاد وتوفير فرص عمل للشباب، وأن تنتهج العمل الاحترافي في شتى مجالاته بدءا من العمل الإداري والتنظيمي وتهيئة الملاعب، ومن النقل التلفزيوني والتعاطي الإعلامي للرياضة كمنظومة تساهم إيجابيا على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، بعيدا عن العمل كهواة ومشجعين متعصبين وإداريين بالفزعة.