عندما نتحدث عن الأثر فإننا نتحدث عن النتيجة! كيف حدثت هذه النتيجة؟ وما هو الأثر المنشود؟ وكيف يتحقق هذا الأثر؟ وما هي الممكنات لتحقيق هذا الأثر؟
نختصره في كلمة واحدة: الحوكمة! إحدى ركائز وممكنات تحقيق الأثر.
نشأت الحوكمة في القطاع غير الربحي في مبادرة من مبادرات برنامج التحول الوطني 2020 أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030، وهي مبادرة حوكمة المنظمات غير الربحية وتصنيفها «مكين».
تُعَرّف الحوكمة في القطاع غير الربحي أنها مجموعة من القواعد والمعايير والإجراءات والنماذج الهادفة لقياس التزام المنظمات غير الربحية بالأنظمة واللوائح والتعاميم لتحقيق مبادئ الحوكمة الأربعة وهي المسؤولية والمساءلة والشفافية والعدالة.
بدأ العمل على إعداد المعايير والمؤشرات لحوكمة المنظمات غير الربحية في عام 2016م، وتم التطبيق الأول لها في عام 2018م، ويتم تطوير هذه المعايير دوريًا من خلال التغذية الراجعة من المنظمات غير الربحية والإفادة من ورش مراجعة وتحكيم الخبراء لهذه المعايير.
ترتكز معايير الحوكمة في القطاع غير الربحي على ثلاثة معايير، وهي: معيار السلامة المالية الذي يهدف لتقييم فاعلية الجمعية في استخدام المال وتحسين كفاءة إدارة الأموال والمخاطر، قابلية النمو والاستدامة، ومعيار الامتثال والالتزام الذي يهدف لقياس مدى امتثال المنظمات غير الربحية بالأنظمة والضوابط السارية والمنظمة لأعمالها، ومعيار الشفافية والإفصاح الذي يهدف لقياس استعداد المنظمة غير الربحية لنشر المعلومات عن أسباب وجودها، وأنشطتها المنفذة، وبياناتها المالية.
صدر بعد تطبيق هذه المعايير تقريرُ حوكمة المنظمات غير الربحية «مكين» لعام 2020م واشتمل هذا التقرير على نتائج هذه المبادرة، وقد عرض التقرير نتائج هذه المبادرة بشفافية ووضوح.
أثمرت هذه المبادرة بنتائج عدة، وحققت أهدافًا سامية ولا زالت - بفضل الله - تثمر، ففي تعزيز الصورة الذهنية الإيجابية للقطاع غير الربحي أمام المجتمع، أثبتت هذه المبادرة امتثال المنظمات غير الربحية في المملكة بالأنظمة واللوائح المنظمة لأعمالها بنسبة 85 في المائة، كما وبيّن التقرير التزام المنظمات غير الربحية بالأنظمة والضوابط المنظمة للإيرادات وجمع التبرعات والمصروفات ما نسبته 95 في المائة.
وعلى صعيد الإشراف الوزاري على المنظمات، فقد مكّنت هذه المبادرة الجهات الإشرافية على الإشراف على المنظمات من خلال إفصاحهم عبر الوسائل المحددة وعبر نشرها لبياناتها عبر منصاتها الإلكترونية بما فيها الموقع الإلكتروني؛ مما قدّم إثباتًا لفاعلية المنظمات غير الربحية أمام الجهات المنظمة والرقابية والمشرفة.
كما أسفرت هذه المبادرة من تدفق مستمر للبيانات الموثقة والمدققة عن القطاع غير الربحي لتمكين الجامعات والمراكز من إجراء الدراسات والأبحاث التطويرية.
وعززت أيضا مبادرة حوكمة المنظمات غير الربحية مسؤولية وشفافية المنظمات تجاه أصحاب المصلحة والمستفيدين عبر إتاحتها بياناتها لعموم المجتمع.
وأما عن آثار هذه المبادرة على الجمعيات فهي أكثر من أن تُحصى، فأولها تحقيق امتثال المنظمة بالأنظمة واللوائح والتعاميم وممارسات الحوكمة الفعالة، وثانيها تحسين كفاءة إدارة الأموال وتحقيق النمو والاستدامة المالية، ثم تحسين بيئة العمل في القطاع غير الربحي حتى أصبحت جاذبة للقوى العاملة، وتحسين أداء المنظمات إداريًا ومؤسسيًا، ثم تمكين المنظمة لبناء ممارسات الحوكمة الرشيدة، كما تحقق الحماية للجمعيات من خلال عمليات الضبط الإدارية والمالية، وإيجاد آليات مستدامة لتقييم أداء المنظمات غير الربحية لبناء قدراتها والارتقاء بها، وتعظيم الأثر المجتمعي من خلال التركيز على الممكنات الأعظم أثراً ونفعاً للمجتمع.