صبار عابر العنزي
الخرافة تعني الاعتقاد أو الفكرة القائمة على مجرد تخيلات دون وجود سبب عقلي أو منطقي مبني على العلم والمعرفة، وترتبط الخرافات بفلكلور الشعوب، حيث إن الخرافة عادة ما تمثِّل إرثًا تاريخيًا تتناقله الأجيال، وهو معتقد لا عقلاني أو ممارسة لا عقلانية، والخرافات قد تكون دينية، وقد تكون ثقافية أو اجتماعية، وقد تكون شخصية، من الخرافات الثقافية أو الاجتماعية ...
فنحن ومنذ نعومة أظفارنا ننصت لأحاديث كبار السن وخصوصاً الجدات -رحمهن الله - وهن يحاولن إشغالنا بما يخدمنا مثلاً إذا كنا جياعاً ولا يوجد ما يسد الرمق تحكي لنا عن غزال البراري الذي يزورنا في منامنا ويسقينا ويغذينا من خيرات الله وإذا كان فينا طفل شقي كثير الخروج فخوفاً عليه تروي لنا حكاية «تريترة» أو «السعرة» أو قصص « السعلوة» المخيفة ...
السعلوة succubus هي شيطان على شكل أنثى، وقيل إنها مخلوق أسطوري في الفلكلور (يرجع إلى أساطير العصور الوسطى) يظهر في الأحلام ويأخذ شكل امرأة تغري الرجال، وهي من الشخصيات الخرافية الموجودة في وجدان الذاكرة العربية وتعد من قصص الأدب العربي عموماً في مصر والعراق والشام والجزيرة العربية وبادية الأردن تستخدم لإخافة الأطفال كما أنهم يشبهون بها بعض الفتيات اللاتي يتخلقن بأخلاق القسوة والعدوانية ويتصرفن بشكل غير لائق ولكن قصصها تقدمها على أنها تأتي بهيئة امرأة جميلة حسنة الشكل طويلة القد ومرتبة الهندام تغوي الرجال وتفتك بهم وهي في واقع الأمر ذات شكل غريب ومخيف، فجسمها مليء بالشعر ...
بينما تؤكد بعض الحكايات الشعبية على أنها حيوان ومن فصيلة المخلبيات، إلا أن الغموض يتعارض في كونها لا تمشي على أربع أرجل (كأي حيوان) وهناك من يعتقد أنها حيوان مائي يعيش في المياه، وعلى أنها نصف (امرأة) والنصف الأخير ذيل سمكة ...
وتصور على أنها تموت كأي كائن حي وهذا يدل على توارث فكرة الشر بتوالدها وموتها، وأن موتها في الأغلب على يد بطل الحكاية أو كنتيجة لذكائه في القضاء عليها أو بتواجد شخصية مساعدة للبطل، الأمر الذي يدلّل على أن جانب الخير هو الغالب دائماً ...
ومن المثير بالقول أنّ هذه الشخصية الخرافية والصفات التي تتصف بها تكاد تكون مطابقة من بلد لآخر، وإن كان بأسماء مختلفة، ربما بسبب جذور هذه الشخصية الواحدة والتي جاءت من أساطير بلاد الرافدين والتراث العربي القديم، أو ربّما من التراث العالمي ...
ففي الأساطير الريفية المصرية، يدعى مخلوق خيالي مماثل النداهة, أمّا في اليمن وبعض دول الخليج العربي، فيطلقون على هذه العفريتة اسم أم الصبيان أو أم الدويس، وفي الفلكلور الشعبي المغربي، يحكون على جنيّة مماثلة تدعى عيشة ... ويصف لنا الرواة لهذه الخرافة أن زوجها يسمى «بالسعلو» وهو عجوز كهل يخدع الأطفال بكلامه فيأخذهم معه ليأكلهم هو وزوجته من باب إرهاب وتخويف الأطفال وقد قيل الكثير عن السعلوة ومن أهم الأقوال أنها كائن خرافي يشبه الكلاب بحجم أكبر وأضخم ويحكى أن صنفاً منها يتزيا بزي النساء، ويتراءى للرجال، وحكي أن بعضهم تزوج امرأة منهن وهو لا يعلم، فأقامت معه مدة وولدت منه أولاداً ذكوراً وإناثاً، فلما كانت ذات ليلة صعدت معه السطح، فنظرت، فرأت ناراً من بعد عند المقبرة، فاضطربت، وقالت: ألم تر نيران السعالى، وتغيَّر لونها، وقالت: بنوك وبناتك أوصيك بهم خيراً، ثم طارت ولم تعد إليه ...!