إيمان الدبيّان
أين المصيف وأيام به سلفت؟
وأين يا طير أحبابي وخلاني
أين الجبال التي تكسو أعاليها
بمذهب من كثيف السحب هتان؟
وأين مني شهار؟ أين هضبته؟
يا حبذا فيه أفراحي وأحزاني
ثلاثة أبيات من قصيدة (أين مني؟) للشاعر الكبير الأمير عبدالله الفيصل-رحمه الله- عن الطائف المأنوس وما فيه من نسائم وأماكن تجلي الهم عن النفوس، فيض من غيض من شعر الأمير الشاعر الأديب الذي رحل وبقي إرثه الأدبي كنزا عربيا يُدرّس ويُقتفى، يُطرب له وبه يُحتفى، فكان من الوفاء والعرفان، والتقدير والامتنان تخصيص جائزة للشعر العربي باسم الأمير عبدالله الفيصل والتي تميزت هذا العام عند إقامتها بإعلان الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة ورئيس مجلس أمناء أكاديمية الشعر العربي إعلان الطائف عاصمة للشعر العربي.
أكاديمية الشعر العربي بروح مدرسة الفيصل الشعرية تختار الطائف المصيف الأول لحكامنا عاصمة للشعر العربي، هذه المدينة التي تقع على جانبي وادي «وج»، وتبعد عن مدينة مكة المكرمة 75 كم تقريباً، وتحيط بها الجبال من جميع الجهات، وترتفع عن سطح البحر بمسافة تتدرج ما بين 1700 م إلى 2500 م، مما أكسبها جواً لطيفاً وهواء عليلا، مدينة تاريخية، ثقافية، دينية، تحتضن كماً من القبائل العربية المشهورة كثقيف وهوازن وهذيل وغيرها من القبائل التي لها من الملاحم البطولية والقصص المشهورة والأحاديث المأثورة ما يؤهلها برجالها وأدبائها وعلمائها وأساتذتها إلى جعل الطائف عروس العواصم الشعرية من خلال توحيد الجهود بلجان ممنهجة واستراتيجيات منفذة تحت مظلة أكاديمية الشعر العربي وشراكات فاعلة مع المؤسسات الأدبية والعلمية في هذه المدينة خصوصا والمنطقة عموما؛ لذا أرى أن تُبرز الأعمال والمخرجات الخاصة بهذه المناسبة من خلال تجسيد الإرث الثقافي والفني والتاريخي والاجتماعي للطائف وذلك عبر بعض المحاور ومن أهمها:
- جمع بعض أعمال وأسماء أشهر شعراء العرب في الطائف منذ العصر الجاهلي وإلى اليوم مثل: أَبُو محجن عَمْرو بن حبيب الثقفى، أميه بن أبي الصلت... وغيرهما قديما وحديثا.
- ربط الطائف بالشعر في العصر الإسلامي وما خُلد فيه من وقائع بين بعض القبائل والرسول عليه الصلاة والسلام.
- النقوش الأثرية ترتبط غالبا بكتابات وأبيات شعرية لا تخلو الطائف منها ومن أثرها فما أجمل الربط بينهما.
- الطائف مدينة غنية بالمعالم الدينية والجغرافية كمسجد ابن عباس حبر الأمة، وقصر شبرا التاريخي، ومرتفعات الهدا ووادي وج ووادي محرم ووادي ثقيف وغيرها من المعالم التي يعرفها أهلها ودارسوها من رجال التاريخ والأدب، مما يكون حصيلة شعرية خصبة لهذه المناسبة.
- إبراز هوية الطائف الثقافية والفنية والاجتماعية من خلال التعاون مع وزارة الثقافة بهيئاتها المتنوعة فلكل قبيلة شعرائها ومثقفيها القادرين على إبراز هذه الهوية رغم الاختلاف البسيط في لهجاتهم وربما في زيهم وعاداتهم.
- الغناء والموسيقى صدح بهما بعض رجال الطائف كما تغنت طيورها على غدرانها فكان منهم من لا يُنسى، ولا عن فنه يُسلى كالفنان طارق عبدالحكيم بكلماته وألحانه التي توارثها وتغنى بها أجيال متعددة في مناطق وطننا المختلفة.
المحاور كثيرة والمجالات المعينة في هذه المناسبة وفيرة فقط جهود متناسقة وأعمال متآلفة نخضب بها عاصمتنا الشعرية بنقوش الشعر العربي ونوادر الفن الأدبي، مبارك للطائف وأهله هذا الاختيار وأنتظر الإبداع بشوق حار.