رقية سليمان الهويريني
في عام 2018 وجّه وزير البيئة والمياه والزراعة بـ»نثر بذور النباتات والأشجار الرعوية» في مناطق المملكة كافة، بعد موسم هطول الأمطار الغزيرة. وحينها ناشدتْ الوزارة عدداً من الجهات الحكومية والجمعيات والأهالي وطلاب المدارس والمهتمين بشؤون البيئة لمشاركتها في هذه التظاهرة الجميلة، وقامت بتوزيع البذور على المواطنين والمتطوِّعين، وأشركت الطيران الشراعي في عملية نثر بذور النباتات الصحراوية.
وقد بعثت تلك المبادرة الإيجابية السرور وانعشت الأمل بإعادة إحياء الغطاء النباتي في بلادنا، كما أنها خطوة مهمة لتوعية المجتمع بأهمية التشجير، وتوفير مساحات خضراء تسهم في مكافحة التصحّر وانجراف التربة، فضلاً عن الحفاظ على نقاء البيئة والحد من التلوث.
ولست أعلم مصير تلك البذور حيث لم يعقبها تصريحات من الوزارة ولكن هذا العمل الجميل يعد من منطلق الإحسان للأرض والإحساس بالمسؤولية تجاه البيئة. ونرجو أن يكون ديدنها سنويا لعلنا في نهاية كل موسم نستمتع بنبات العرفج وشجيرات الرمث، والشنان، وخشب الأرطى، والغضا ونباتات الربلة والقيصوم التي تشكِّل غذاءً للحيوانات الصحراوية والطيور البرية وتسهم بتثبيت الكثبان الرملية وتمنع انجراف التربة، كما تعمل تلك الأشجار مصداً للرياح.
وبالمناسبة فقد ابتكر الباحث والمهندس الهولندي «جوريان رويس» طريقة رائدة لتشجير الصحارى تعتمد على لف الشتلة في شرنقة من الورق المشمّع القابل للتحلّل في التربة، ودفن جذورها في خزان يحوي كمية كافية من المياه للشتلة حتى نموها ووصول جذورها إلى المياه الجوفية، بما يمنحها فرصة للنمو، بالاستعانة بوضع فطريات صغيرة مفيدة للتربة. ويمتاز هذا الابتكار بانخفاض التكلفة وسهولة تطبيقه عملياً وقابليته للتطور وسرعة التنفيذ، ويمكن الاعتماد عليه لزراعة مساحات واسعة في وقت قصير.
ولأن بلادنا تعد ضمن المناطق الجافة والبيئة الناشفة، بسبب قسوة المناخ، وقلة المياه؛ فقد اتسعت رقعة التصحّر وزادت حدة الغبار مما ترتب عليه مشاكل صحية وبيئية. ورغم الجهود التي تُبذل؛ فإن التحدي القادم هو فوضى الرعي والاحتطاب المخالف الذي يمارسه بعض مرتادي البراري، بالإضافة لتلويث الصحراء بالنفايات ومخلفات البلاستيك التي لا تقبل التحلُّل!