القصيم - خاص بـ«الجزيرة»:
دعت دراسة علمية إلى القيام بشراكات تجمع بين أرباب الأموال، ومبرمجي الحاسب الآلي، وأهل العلم والدعوة، والمراكز البحثية والاستشارية، لتحديد الاحتياج الوقفي الرقمي للمجتمع ليكون العمل مؤسسياً تكاملياً تحقيقاً وتحصيلاً لمقاصد الشارع من الوقف الرقمي، مع زيادة الوعي بالأوقاف الرقمية، ومخاطبة التجار بعظم أثر العلم والإعلام الرقميين؛ فهما أقوى مؤثرين في توجهات الناس، وفي فكرهم وعقائدهم؛ وهما الميدان الأكبر والمضمار الأوسع للأوقاف الرقمية، ويحسن بالتجار بذل أوقافهم فيها.
وشددت الدراسة البحثية المعنونة بـ «الوقف الرقمي مقاصده ومجالاته «للدكتور سليمان بن محمد النجران الاستاذ بكلية الشريعة بجامعة القصيم، شددت على أن الوقف على الإعلام الرقمي خاصة، يحتاج زيادة بحث واستقصاء ودراسات ميدانية لأنواعه وأثره في المجتمع، واتخاذ الخطوات العملية الذي يقتضيه الموقف البحثي.
وأظهرت نتائج الدراسة البحثية أن الوقف الرقمي جزء من التحول الرقمي الكبير الذي يكاد يغطي تصرفات الناس في حياتهم ومعاشهم؛ فكان الالتفات إليه والعناية به قياماً بحق مقصد الوقف الشرعي الذي جاء ليفي بضرورات الناس وحاجياتهم وتحسيناتهم، كما اختلف الفقهاء في تعريف الوقف اصطلاحا بناء على تباين نظرهم لحقيقة الوقف؛ فأبو حنيفة لا يرى لزوم الوقف، بخلاف صاحبيه فيريان لزومه، وأما المالكية فيرون بقاء ملك الواقف على وقفه، ولكنه لا يملك التصرف فيه ببيع ولا هبة ولا إجارة، وأما الحنابلة والشافعية فيرون زوال ملكه عن الوقف فلا يستطيع التصرف فيه.
وعرفت الدراسة الوقف الرقمي بأنه: «التبرع، منتج إلكتروني مباح، يمكن الانتفاع به، مع بقاء أصله، على جهة بر»، وبينت الفرق بين الوقف الرقمي والوقف العيني: حيث إن الوقف العيني يكون بأشياء محسوسة مشاهدة ملموسة، بخلاف الوقف الرقمي فهو معان غير مشاهدة، يتعامل معها بوسائط، كما أن الأوقاف الرقمية سريعة التغير والتبدل، بخلاف الأوقاف العينية فهي أكثر ثباتاً، وأبطأ تغيراً، مشيرة إلى أن المقصد الأصلي من الوقف إيجاد مصلحة ومنفعة دائمة، لا تنقطع، ولا يفنى أصلها، ويقوم الوقف الرقمي على أصلين شرعيين:
الأول : الأصل في الوقف أنه معقول المعنى غير تعبدي.
الثاني : الأصل السعة في الوقف ليشمل كل حاجات الناس المباحة، فلا يقصر على حاجة دون غيرها، وتظهر سعة الوقف في ثلاثة أمور معقولية معناه، وكونه نفلاً غير فرض، وشموليته مناحي الحياة كلها بضرورتها وحاجياتها وتحسيناتها?
وتكشف الدراسة أن أصل الوقف عامة، والوقف الرقمي خاصة مبني على المصلحة؛ فأعظم الأوقاف مصلحة ما حفظ وأقام ضرورات الناس في دينهم وأنفسهم ونسلهم وعقولهم وأموالهم، ثم ما أقام حاجاتهم، ثم ما أقام تحسيناتهم،
ومن هنا تقام المفاضلة بين الأوقاف، وتوزن بموازين المصلحة، كما بينت الدراسة أن أبرز المصالح للأوقاف الرقمية: سعة انتشارها، وسهولة التعامل بها، وقلة تكلفتها، وقدرتها على مخاطبة ومخالطة المجتمع، وحريتها من الأنظمة والقوانين التي تعيقها، وأما أبرز مفاسدها: فسرعة تغيرها، وسهولة فقدها، وسيطرة أنظمة أصحاب الشبكات عليها، واحتياجها لأجهزة خاصة لتشغيلها، وعدم قدرة كبار السن على التعامل معها، وأما أبرز مجالات الأوقاف الرقمية ثلاثة: الأوقاف الرقمية العلمية، والأوقاف الرقمية الإعلامية، والأوقاف الرقمية الخدمية، والأوقاف الرقمية العلمية: يتقدمها الكتاب الرقمي بأنواعه الكثيرة، وأشهرها الكتاب
التفاعلي الذي يعطي القارئ أبعاداً مؤثرة في القراءة، تجعل مردود القراءة وعائدها عليه كبيراً، ويقاربه المنصات الإلكترونية التفاعلية، في حين أن الأوقاف الإعلامية: فيمثله الإعلام الرقمي الذي غطى وتعدى الإعلام التقليدي، وأصبح المؤثر الأول اليوم في عقول وتوجهات الناس، والأوقاف الرقمية الخدمية: فتمثله
التطبيقات الخدمية الرقمية التي شاركت الناس حياتهم في كل شيء، وإنه يجب حفظ الوقف الرقمي من الفيروسات والمعطلات الإلكترونية، التي تخترق البرامج، وتوقف منافعها؛ حفظة لعينها، وإبقاء لمنافعها، كما يجب حفظه من التقادم والتأخر، بالتحديثات الإلكترونية اللازمة كي لا تنقطع منافعه.