ليالي السبيعي
أن أعود أو لا أعود.. لن أقولها هذه المرة، كنت أكتمها حائرة وأنا أستمع إلى أشواق أحبتي، كنت أنصت عندما يقولون (ألن تعودي) مرَّ عامان قاحلان.. أجدبان.. لا هواء بهما ولا مطر.
حلَّ الشتاء وفجر أزرق مرَّ عبر نافذتي هذا الصباح. هواء عليل وبرد.. استيقظت متفائلة بأن اليوم سيكون على ما يُرام، وبودي أن أعلم كيف يزورني الفرح دون استئذان.. لكنني لا أعرف فلو كنت أعرف لفهمت كيف يخيم الحزن عليّ فجأة في الصباحات أو عند المساء دون سبب ظاهر.. لو كنت أعلم من أين يأتي الحزن لأوصدت دونه الأبواب.. ولما أذنت له بالدخول في قلبي، أما الفرح فلا داعي لمعرفة سر حضوره.. كل ما أتمناه أن يزورني في كل وقت إن أمكن.
أبواب البيت مفتوحة للمجهول كما هي مفتوحة أبواب قلبي لكل ضيف عدا الحزن.. لا أتمناه أبداً.
بضع غيمات تملأ نور الصباح، غابت عيناي في شجيرة الجهنمية كانت أكثر ازهراراً.. مررت بجانبها أشق الطريق لعالمي الافتراضي ومع الطريق يرافقني كوب القهوة وبعض الأغنيات.. صباح المدينة واسع.. وأفكاري تستجمع قواها لإنتاج عمل جديد، التقي تلك السيدة في طريقي، أحاول جاهدة أن أخفي ملامح اللارغبة.. (تلقي السلام والحب الثقيل).. ألم تتعب هذه السيدة من محاولة اقتحام صباحاتي وحشر أنفها فيما لا يعنيها.. إنها لا تُصاب بالزكام ولا بالحزن ولا بالذبول.. إنها هي في كل الأيام.. لا أغبطها لكنني لا أرغب صباحاتها أبداً أبداً.. لا يستهويني هذا النوع من السيدات.. غير المباليات بوجود غيرهن من الأشخاص، لا يُؤمن باحترام الذوات.. ظلت تحدق بعينيها في وجهي..
هي: الحزن يلوح في وجهك.
أنا: أنا عيناي هكذا.
هي: أنتِ إذاً حزينة.
أنا: الصباح جميل ولا داعي لكثرة أسئلتك.
كفي عن كثرة الأسئلة أيتها المتسلطة (لا شيء غير تعب الطريق وبعض الصداع)، ابتسمت وأطلت الصمت، وانخرطت في صباحي الهادئ.. برغم كثرة الضوضاء وهدوئي، لم تكن لدي الرغبة في الخروج وتغيير الوجهة، حاولت أن استمطر غيوم الأفكار لحروف جديدة وأن أستعيد لحظات مضت كان لها أثر في روحي وندوب في ذاكرتي، كانت المحاولة فاشلة، لكني مؤمنة بأن أجمل الأشياء تأتي متأخرة دائماً عن موعدها، مع أنني شخصية لا تحب الانتظار أبداً. لكن لحروفي حب عظيم يستحق الصبر.. لا أحد يخرجني من صمتي غير حروفي..
سأكتب إحساسي بعمق، سأكتب حتى لو أن أسى شفيفاً كان يلف روحي كالدخان، وسأنتظر صباحاً آخر يحمل الفرح، مهما كان الحزن ثقيلاً..
سأنتظر الفرح كغيم أبيض يتسلل نوره إلى روحي رويداً.. رويداً.
سأنام كما أنام كل يوم، وسأنهض كما أنهض كل صباح، سأتقبل مزاجيتي المرفوضة من الآخرين بصدر رحب..
سأتذبذب بين الهدوء والحركة والفوضى والانفعال..
سأعيش بسلام مهما كان مطر الحزن يزخ بداخلي ومهما فشلت في السيطرة عليه، مهما سكن في قميصي، وتوسد عيناي.. سأتقبله كعطر يحمل ذكريات مبهمة.. لا أفهمها..
تُرى.. ما الذي حل بي هذا الصباح.