جواهر الدهيم - الجزيرة:
ضمن إنجازات وزارة الثقافة واهتمامها بالأدب التاريخي تأتي مسرحية الأعشى التي نظمتها في حي منفوحة التاريخي بشارع الفريان لتروي قصة حياة الشاعر العربي ميمون بن قيس بن جندل الملقب بـ«الأعشى»، منذ مولده في منفوحة عام 570م، وحتى وفاته بقالب إبداعي متنوع، وذلك ضمن مساعي وزارة الثقافة للاحتفاء بالأسماء الرائدة والمؤسِّسة للثقافة العربية، ومن بينها أيقونة الأدب العربي وصَنَّاجَة العرب الشاعر الشهير «الأعشى»، عبر الفعالية التي تعد بمثابة استعادة الذاكرة الشعرية في موطن الشاعر وأرض ميلاد الحكاية حي منفوحة التاريخي الذي احتضن تجربة شعرية ملهمة قاومت النسيان وحضرت في الذاكرة العربية على مر العصور لتروي للأجيال حكاية شاعر صاحبتها فعاليات وأنشطة ثقافية تفاعلية متنوعة، محاكاة لحياة الشاعر الأعشى من مولده حتى وفاته مروراً بنشأته والمحيط الذي عاش فيه حيث أسعد الزوار بمحطات رحلته الشعرية.
العمل الجبار في المسرحية التفاعلية
يتحدث الدكتور قاسم القضاة مخرج مسرحية أعشى منفوحة عن هذا العمل الأدبي الجبار الممتع فيقول: المسرحية تفاعلية من الأعمال اللغوية التي فيها أثر جميل جدا للماضي العريق الموجود لدينا كعرب. وحقيقة مر العمل بعدة مراحل ابتداء من بناء المنطقة الذي هو الفضاء المسرحي إلى الديكور إلى الملابس والاكسسوارات إلى اختيار الممثلين إلى تدريب الممثلين على الأداء إلى تقمص الشخصيات كل هذه المراحل عملنا عليها بروح المجموعة الواحدة، حيث كنا حقيقة متعاونين جدا حيث كان الشغف والحب هو شعار العمل الذي نقوم به، ونتمنى- إن شاء الله- أن يكون العمل لاقى استحسان الجميع خاصة أننا ركزنا على تفاصيل الشخصية الخاصة بكل ممثل معنا حتى إذا تمكن من تقمص الشخصية يستطيع أن يصل إلى مرحلة إقناع المشاهد وخصوصا أصعب أنواع المسرح الذي هو (المسرح التفاعلي) خاصة أنه يحتاج إلى طاقة كبيرة ونسبة تركيز عالية من الممثل حتى يستطيع التفاعل مع الجمهور ويتمكن من تقمص الشخصية بتفاصيلها بكل ثقة.
مراحل العمل
وأشار الدكتور قاسم إلى أن العمل أخذ وقتا طويلا جدًا ومربعدة مراحل كانت بدايته مرحلة التحضيرات للعمل فمرحلة اختيار الممثلين ومرحلة الديكور ومرحلة أدق تفاصيل العمل من الفضاء المسرحي المكان، فالملابس والإكسسوارات والمكياج ومن ثم موضوع الركيزة الأساسية الذي هو الممثل نفسه، فعملنا على منظومة التدريب فأعددنا الممثل إعدادًا جميلاً في التدريب بحيث استطاع أن يتقمص الشخصية بشكل مقنع للمشاهد، حيث ركزنا على أمرين التركيز على شخصية الممثل التقمصية، والتركيز الذهني للممثل حتى يبدع ويستطيع أن يقنع المشاهد.
130 ممثلاً شاركوا في المسرحية
وحول العمل ومدته أبان الدكتور المخرج قاسم أن العمل في مسرحية أعشى منفوحة استغرق أكثر من سنة ولكن لظروف كورونا أجل العمل فكان التدريب بين مد وجزر في هذا العمل الجبار الذي بلغ عدد الممثلين المشاركين فيه130 ممثلاً وممثلة، 90% سعوديون، كما عملنا على الملابس التي تلائم العمل فعملنا على منظومة البحث في التاريخ حيث كان المصممون يرفعون للمخرج والإدارة كل جزئية على حدة، وهل تتناسب مع الحقبة الزمنية، وهل كانت حقيقة موجودة فأخذت منا وقتا كثيرا فقبل اعتماد الملابس كانوا يرجعون إلى المخرج والإدارة والحقبة الزمنية لها.
أماكن ومحطات العمل المسرحي
وحول أماكن ومحطات العمل المسرحي أشار المخرج القضاة إلى أن العمل بدأ من مدخل البلدة منفوحة كيف كانت الحياة فيها ثم استعرضنا مرحلة الراوي الذي بدأ يسرد قصة الأعشى ويرويها والمراحل التي مر بها حيث بدأ بالأعشى وهو طفل، ومن ثم في الكبر وسن المراهقة ثم الشباب إلى أن وصل إلى سن 40. وبدأنا كل مرحلة بمرحلتها والمناطق التي وصل إليها فعلى سبيل المثال وصوله إلى منطقة الحيرة وذهابه للنعمان، ومن ثم حضرموت فمشهد حضرموت يشكل فانتازيا حيث كان المشهد جميلا جدا تفاعل معه الجمهور لأنه يمثل جني الأعشى شيطان الشعر (مسحل) الذي يظهر له، كان مشهدا مميزا له في حضرموت، بعدها مشهد كسرى وبعدها انتقل الأعشى إلى مشهد النابغة عندما كانت المناظرة الشعرية بينه وبين حسان بن ثابت والخنساء حيث كان ضروريا أن نتذكر هذا المشهد الشعري الموجود في حياته، بعدها انتقلنا إلى السوق حيث رأينا كيف كانت منفوحة في القدم وبدأنا نتخيلها ونلقي الضوء عليها، ثم انتقلنا إلى مشهد الأعشى في عمر الكبر حيث وصلنا إلى نهاية المسرحية والتي من خلالها استعرضنا سلسلة حياة الأعشى بمراحلها وأحداثها الشيقة.
شكر لوزارة الثقافة على هذا العمل الجبار التفاعلي
وفي نهاية اللقاء شكر الدكتور المخرج قاسم القضاة وزارة الثقافة، حيث قال: نشكر وزارة الثقافة لدعمها المستمر وتبنيها حقيقة هذا المشروع الكبير، كما نشكرها على هذه للفتة والاهتمام بالثقافة والفن والرقي والتطور وعلى دعم الموهبة السعودية سواء من الممثل أو المخرج حيث ضمت المسرحية مجموعة وباقة من المخرجين الرائعين وممثلين مميزين والفنيين السعوديين المحترفين وهذا الدعم من الوزارة لتبني هذه المواهب لدى الشباب والإمكانات لدى الشباب التي كانت بمثابة دافع للعمل بجد وأشكر الشركات التي ساهمت في تنفيذ هذا المشروع.
جهود مشكورة
شهدت مسرحية أعشى منفوحة إشادة بالغة من كل من حضرها حيث كانت إنجازا رائعا لهذا العمل الثقافي حيث أبدت إعجابها مؤسسة تراثنا 2030 نورة عبدالرحمن الرشيد مشيرة إلى أن هذا العمل الثقافي التاريخي من التراث الأدبي العريق الذي يجسد حياة الشعراء ويوثق معلقاتهم وقصائدهم، حيث عملت وزارة الثقافة مشكورة على إحياء حياة الشاعر الأعشى في منفوحة مما نقل للأجيال الحاضرة حياة هذا الشاعر بتفاعلية جميلة حببت الزوار للأدب والشعر بقالب ممتع وأحيت ماضي بلدة منفوحة التي ربما غابت عن أذهان الكثيرين، وأنها تتمتع بإرث تاريخي أدبي جميل، وأضاف الفنان سلطان المرشود أن هذا العمل جذب أنظار الأطفال بفعاليات متنوعة لهم، كما كان للسوق دور كبير في جذب أصحاب المتاحف لرؤية ما يضمه السوق في الماضي من أدوات، كما أن الخطاطين كان لهم دور في رسم حياة هذا الشاعر بكتابة أسمائهم وتوثيقها عبر هذه الفعالية، فيما أبدى مشرف القرية التراثية بسدوس خالد اليوسف عن سعادته بما شاهده عن حياة أعشى منفوحة ومحطات عمره مشيرا إلى أن هذا العمل الجباركان محل إعجاب الزوار بتوثيق حياة هذا الشاعر مقدما الشكر لوزارة الثقافة التي قامت بهذا العمل الجبار التفاعلي مما كان له دور في إثراء ثقافة المجتمع وتعريفهم بكنوز الأدب العربي وتثقيف الأجيال وتزويدهم بمعلومات عن الشاعر في قالب تفاعلي رائع مقدما الشكر لمن ساهم في هذا العمل الجبار.
فعاليات مصاحبة
وضمت الفعالية 9 أقسام هي المسرح التفاعلي (القصصي)، العروض ثلاثية الأبعاد، ركن الطفل، متحف الأعشى، منطقة الحرف والمتاجر، منطقة الفنون والموسيقى، منطقة المطاعم والمقاهي، المسرح الأدائي، متحف الأعشى الافتراضي، وتشمل الأقسام مسرحيات وأمسيات شعرية تجسد حياة الشاعر وقصائده الشهيرة، ومقطوعات موسيقية من عازفين سعوديين في أروقة الحي، مستوحاة من التاريخ، وسرد قصصي لسيرة حياة «الأعشى» إلى جانب مشاركة الرسامين والمصورين والنحاتين بإبداعاتهم، بالإضافة إلى الفعاليات المخصصة للأطفال والحرف التقليدية التي تحاكي الحرف المستخدمة في تلك الفترة، كما شاركت مجموعة من الحرفيات في حياكة السدو وصناعة الفخار حيث قالت ابتسام الجري: كنت تلميذة في تعلم صناعة الفخار وأصبحت مدربة مع منى التركي حيث دخلت معهد الفنون الذي في الخزان وتدربت لمدة ثلاثة شهور وحصلت على شهادة من وزارة الثقافة حيث كنت رسامة وأعمل في الفعالية على مشاركة الجمهور في عمل الأكواب والجرار والتي يأخذونها كذكرى، ونشكر وزارة الثقافة على هذه الفعالية الممتعة.