الشعر في هذا الزمان مكدس مبذول
ملقى على الطرقات يأكله الذباب
لا يشتهيه العابرون ولا يردده الشباب
لكنه بوح من الأعماق والدمع الهطول
يهمي كما يهمي المطر
متدفقا بين المشاعر والخواطر
مثل هدءات السحر
ويرف في ذكرى النوى مثل فراشات الحقول
وله بعرش القلب أقبية من الوجد المعتق
ثم أشياءُ أخر
وله من الأفراح والأرواح شمس في الضحى
وصبابة عند القمر
وله صبابات السهر
ويسامر العشاق في الليل الطويل
يقتات من آهات سمّار الحياة المثقلين
المدنفين بحب باه الخد والطرف الكحيل
والحاملين في الخلجات حب الناس والأشجار
معلين مقامات النخيل
والساجعين مع الحمام الساجعات على الغصون
في رونق الصبح البهي وعند حومات الأصيل
يسقون أشجار التذكر للغوالي الراحلين
ويستعيدون مناجاة الرضى من قبل واقعة الرحيل
الشعر ظل وارف يأوي إليه المتعبون
كالطير يأوي للشجر
ظلٌ على أحزانه كالغيمة الوطفاء
تطفي واهج الآهات
وتقيه من صخب الحياة
ومن ضجيج العالم المكتظ بالأحزان والمسكون.. بالمتناقضات
والشعر هفهفة العزاء بلوعة المتجهم المحزون
الشعر قعقعة المراكب حين شد الضاعنون
وهو العواصف وهو حمحمة الخيول
وهو بصيص النور في الظلمات في ليل الكدر
وهو ضياء الصبح للطرف الكليل
والشعر ثقب في جدار الصمت، يفضي للأماني الباذخات
لقادمٍ مأمول
والشعر أغنية الحياة ولحنها المجدول
بالحب والألحان والأزهار والأطيار
وبالقصور العامرات.. وبالطلول
هذا هو الأبهى هو الأحلى هو الأنقى..
وإن تسجى كالمصفّد بالتناسي والذبول
** **
سليمان العتيق - حائل