د. صالح بن سعد اللحيدان
يعتبر العقل الاستقرائي السبيل الممكن ولوجوه لاستنطاق الروايات المدونة عبر القرون، كما أن العقل العميق ذو سبيل قائم في تفحص وتدارك أصول الأخبار الواردة في أسفار الأولين، واذا كانت الحال على هذا فإن التاريخ يكون في مندوحة عن الوقوع في الخطأ فضلاً عن قصد الخطأ ذاته، ولكن الخلل كل الخلل حينما تتدخل العاطفة بدافع الطغيان ثم يحوطها الهوى بدافع الرغبة والرغبات للوقوع في الخلط بين الخطأ والصواب والحق والباطل والخير والشر والعلو والنزول، هنا ليس ثمة سبيل للعقلين الا أن يتم لهما ألا يكونا شيئاً مذكوراً هنا بالذات ولا غير يحصل الخلل بقصد وبدون قصد، فيكون التاريخ أسيراً للعاكفة ومنقاداً للهوى فهو يترنح بين بين، وهذا ما حصل فيما دونه كثير من الاخباريين والمؤرخين تترا، ذلك أن حيل النفس لها سبل مقيمة تترصد العقل الا يصدر عن نظر والا يصدر عن رأي إذاً لو جمعنا ما دونه الأقدمون لم نجد إلا الشيء اليسير الذي قام على سوقه كنخلة قائمة على أصولها وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين، ولسائل أن يسأل: لماذا دخل هذا الخلل والخلط في التدوين التاريخي؟ السبب ولا سواه ما يلي:
1 الكتابة من أجل الكتابة
2 الجهل بحقيقة النظر التدويني
3 العجلة وتلقي الأقوال دون تمحيص
4 ضعف الأمانة وسوء القصد
5 الدعوة الى البدعة والمذهب الباطل
5 المجاملة والكذب
6 المبالغة وتركيب الروايات
7 الدعوة إلى الذات ونشدان المنزلة
8 السطو على العلات بسبب عمى البال
8 تقمص العلم والرغبة في السيادة
تلقف الاثار كيفما اتفق دون معرفة بأصول الاسانيد وضوابط المتون
وليس أدل على هذا من كتاب: الأغاني من المتقدمين
وليس أدل على هذا من روايات: جرجي زيدان من المتأخرين
والتاريخ أصل في حفظ الحياة لكن لن يكون كذلك إذا كتبه من لم يفقه الكتابة بضابط السند وصلاح القصد على ناهضة من التقوى بدوام لزوم الحق والطريق القويم وليس يغني شيء إذا احتاج النهار إلى دليل.