قبل أن أبدأ مقالي لهذا الأسبوع -بإذن الله- دعونا نركّز على عالمٍ جميل في الإبداع المسرحي، والسؤال الذي طرأ على حرفي الآن هو:
هل الموهبة مهمّة في الفن، خصوصاً المسرح فقط، أم الدراسة الأكاديمية أم بهما معاً؟
في الحقيقة الإجابة عن هذا السؤال بحتاجُ بحثاً وأيضاً دراسة قُرّائية في مجمل أعمال ضيفي وضيفكم على هذا المساحة من ملامح وممالح، وقبل أن أكشف عن اسمه ورسمه دعونا نتعرّف على تاريخ مشاركاته هيّا تعالوا:
بدأ ضيفي على هذه الأسطر فهو ممثّل مبدع كوّن مع رفاقه في فرقة الطائف المسرحية بجمعية الثقافة والفنون مسرحاً بجهودٍ فردية، مجموعة تعارفوا تثقفوا ازدادوا معرفة، قراءة، تجاربا مع آخرين، أحبّوا الجمهور والجمهور أحبهم.. كاتب هذا المقال كان يبصرهم يشدّ الرحال إليه قصدًا وحبًّا لإبداعهم وعشقي للمسرح وكل ما ينتمي إليه، غير الذي يلفت للانتباه هو وجود ممثلٍ في عرض مسرحية «زبن خلّك رجّال»، أبهر كل من شاهده أقنعهم، شاركهم جراحه، آلامه، شعر أغلب الحضور أن الشخصية التي أدّاها وهي «زَبْن» هي تكشف عن مكنوناتهم، أفراحهم، أحزانهم، إن ضحك زبن ضحكوا لدرجة القهقهة، وإن حزن تقاطرت الدموع من وجناتهم.
في هذه المسرحية بالذات صافحهم بقلبه، بتعابير وجهه، بحركاته، بسكناته، بصمتِهِ، بتعتعة الحروف مِنْ فِيْه!
لفت انتباه الجميع، وكل مَنْ كان حاضراً، ممثلاً، مخرجاً، وكاتباً وناقداً.
من شدّة تأثري بهذه الشخصية عنونة مجموعتي القصصية الثانية بـ(خلّك رجّال) هذه الشخصية في مسرحية «زبن خلك رجال» عاشت معنا تحكي الكثير من واقعنا إلى الآن.
وفيما بعد شاهدناه في مسرحية ثانية اسمها «عندما يأتي المساء».
أذكر ويذكر غيري جملة انحفرت بخاطري وهي عبارة (مُرّة هي الحياة، أن تعيش بلا صوت).
الكاتب مبدع بلا شك لكن الممثل ضيفي وضيفكم هو من جعل الحروف في النص إلى حياة مسرحية أقصد حركة تمشي وتخيط جملاً في نسيج خشبة المسرح، جعل هذا الممثل الأسطر تتقافر بين أعين كل من شاهده يمنة ويسرة وفي المنتصف، هذا الزبن أقصد الممثل نقلنا من حالة إلى حالة، من شغف الكلام إلى لذّة الحركة، من أسطر الكاتب إلى أنفاس الخشبة من بروز الحروف إلى طهر الشخصيات..
إن تتبعنا انطلاقة ضيفي وضيفكم منذ بداية عام 1412هـ
منذ انضمامه لعضوية جمعية الثقافة والفنون بالطائف عام 1412هـ- 1992م حتى الآن 1443هـ قرابة في مسرحنا السعودي 31 سنة شغفا وحبا لهذه الخشبة ولا يزال هذا الممثل يحصد الجوائز والتميّز والتكريمات، كان آخرها: حصوله على جائزة افضل مخرج بمهرجان المسرح الجامعي بجازان 1443هـ.
وكذلك حصوله على جائزة أفضل سينوغرافيا بمهرجان المسرح الجامعي بجازان 1443.
نعود الآن إلى السؤال الذي طرحته في البدء وهو: هل الموهبة مهمّة في الفن فقط، أم الدراسة الأكاديمية أم بهما معا؟
بعد هذا البسط الكتابي أقول: إن الموهبة وحدها لا تكفي ولا الدراسة أيضاً بل بهما مع إضافة عنصر مهم جداً وهو التسلّح بالثقافة والتي تقوم من وجهة نظري مقام الدراسة الأكاديمية، وضيفي وضيفكم الذي جمع الموهبة مع الثقافة المسرحية هو الفنان المسرحي والمخرج مساعد الزهراني الذي زرع إبداعه كممثل في نفوس من تعامل معهم إخراجيا، فراهنّا عليه ممثلا ومخرجا مبدعا ونموذجا سعوديا.
سطر وفاصلة
هي مـثـل:
الزهر وأمتع، والعطر وأجمل، والورد وألطف
والحُب وأغزر، كالندى وألمس، كالظل وأدفأ
كالنور وأعمق، والسرور وأحسن، كالبياض وأنفس
كالحرف وأسطر ككلمة وفاصلة وسؤال بعيد عن الهامش، داخل النص بهاء وأمتن...
كلها تجمّعت في أوصافها وأبهى أكثر فأكثر...
** **
- علي الزهراني (السعلي)