د. عبدالحق عزوزي
مازلنا نتناول أهم أحداث سنة 2021 والتي أراها جديرة بأن نتوقف عند أهم ملامحها، وهي تأتي في سياق دولي يتسم بالغموض واللايقين خاصة مع تداعيات جائحة كورونا اللامتناهية:
- أفرزت انتخابات 8 سبتمبر 2021 في المغرب خريطة سياسية جديدة، أعطت الصدارة لأحزاب التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال، فيما تراجع حزب العدالة والتنمية “ذو المرجعية الإسلامية”.... وكان البعض يتوهم وعلى رأسهم بعض قادة حزب العدالة والتنمية أن لهم حصانة من أي عقاب انتخابي، وأن لهم أتباعا ومريدين وأجنحة دعوية ستبقى وفية لهم، وأن الناخبين المغاربة أعطوهم شيكاً على بياض يمكنهم من البقاء في السلطة... وهذا وهم كبير وخلل فكري تشبث به من لا يجيد أبجديات علم السياسة؛ فالحزب هو حزب مثله مثل باقي الأحزاب، ويحكم على الحزب من خلال تصرفاته ونتائجه؛ وفي بلد تعطى فيه الكلمة أيام الانتخاب لقرار المواطن المغربي الناخب، سحبت الثقة من الحزب وعوقب اهلها عقابا كبيرا. المغاربة أتوا بهذا الحزب في سنة 2011 وفي سنة 2016 وقاموا بإخراجه من المجال الحكومي ومن المجال التشريعي ومن مجال تدبير الشأن العام والمحلي سنة 2021 بلا هييج وبلا توقيف للمؤسسات بل بصيغة حضارية كبيرة وأعني بذلك عن طريق الديمقراطية.
- عكس الهجوم على مبنى الكابيتول الأمريكي اتجاهين مهمين سيستمران في تشكيل السياسة الأمريكية في السنوات القادمة؛ التطرف اليميني، وإعادة توحيد الجماعات والأفكار المتطرفة، فاصبحت الحكومة الفيدرالية بحاجة إلى التكيف مع هذا الواقع الجديد والتدخل لمعالجته.
-تحتاج وزارة الدفاع الأمريكية إلى زيادة إنتاجها من الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت ومواصلة البحث عن التقنيات المدمرة؛ لذا اشار الاستراتيجيون الأمريكيون إلى أنه يجب على البنتاغون امتلاك أعداد كبيرة من الأسلحة التشغيلية التي تفوق سرعة الصوت لمنافسة الصين وردعها؛ خاصة وأن اختبار الصين الأخير لمركبة تفوق سرعتها سرعة الصوت ذات القدرة النووية حظي باهتمام كبير؛ حيث أظهر الاختبار أن واشنطن تخلفت عن بكين في سباق الإنتاج.
-لم يعد الشرق الأوسط محور التركيز الرئيسي في الشؤون الخارجية الأمريكية؛ إذ تركز الإدارة الأمريكية على الشؤون الداخلية، وعلى صراعها مع الصين. فالمناخ السياسي في أمريكا والصين يتزايد عداوة ويوحي بصعوبة العودة إلى الوضع الطبيعي القديم.
-فرنسا لم تأخذ الحيطة الاستراتيجية للموازنة بين الأقوال والنيات في تواجدها العسكري في مالي؛ فمخرجاتها الإعلامية كانت تهدد بالانسحاب؛ ونيتها المبطنة هو البقاء هناك ولو بتقليل عدد الجيوش. ولكن الأمر الذي لم يكن في الحسبان هو الخيارات السيادية التي يمكن أن تأخذها مالي دون استشارة فرنسا... فرئيس وزراء مالي شوغل كوكالا مايغا أعطى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة خطابا اتهم فيه فرنسا «بالتخلي» عن بلاده «في منتصف الطريق» بقرارها سحب قوة برخان، مبرراً بذلك بحث بلاده عن شركاء آخرين، من بينهم «شركات خاصة روسية». وهذا ما قام ببعثرة الأوراق والزيادة في حدة التوتر بين مالي وفرنسا. وجعل رئيس الوزراء المالي يقول: «الوضع الجديد الذي نشأ بسبب انتهاء برخان، والذي يضع مالي أمام أمر واقع ويُعرّضها لما يشبه التخلّي في منتصف الطريق، يقودنا إلى استكشاف السبل والوسائل لكي نضمن على نحو أفضل الأمن مع شركاء آخرين». وتابع أن المطلوب هو «ملء الفراغ الذي سينشأ حتما عن إغلاق بعض مواقع برخان في شمال مالي»، مندداً بـ«قلة تشاور» باريس وإعلان «أحادي» صادر من دون تنسيق ثلاثي مع الأمم المتحدة والحكومة المالية. وللذكر فإن كلام رئيس الوزراء المالي يزكي ما أفادته تقارير دولية تؤكد أن حكومته تقترب من التعاقد مع ألف عنصر مسلح من مجموعة فاغنر الأمنية الخاصة الروسية والذين يتواجدون في دول عدة من بينها ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى، والتي تتهمها بالمناسبة دول أوروبية أنها تعمل لحساب الكرملين في المواقع حيث لا يريد أن يظهر رسمياً.
- حفل افتتاح «إكسبو 2020 دبي»، يدعو للفخر، وتنظم الإمارات دورة استثنائية غير مسبوقة في دبي ضمن أول انعقاد للحدث العالمي الكبير في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا، وبمشاركة 192 دولة من مختلف أنحاء العالم. وقد ابهرني المعرض شخصيا عندما زرته في شهر كتوبر الماضي، وهو المعرض الأكبر والأعرق من نوعه في العالم، وهو يمتد على مدار نصف سنة ويقوم على ثلاث ركائز محورية: «الاستدامة» و«التنقل» و«الفرص».