زكية إبراهيم الحجي
المبدأ الأساسي للحق هو الالتزام باحترام حقوق الآخرين وهذا أمر مشروع ولا جدال حوله نهائياً.. لكن ماذا لو انتفت بعض شروط هذا المبدأ القائم على احترام حق الآخر والحقوق كثيرة ومتعددة ولا يمكن حصرها.. ولعل عنوان المقال يُمثل انتفاء أحد شروط حق احترام الآخر والأمثلة على ذلك كثيرة منها السياسية والاجتماعية ومنها ما يحدث في المنتديات الثقافية.. ومنها ما نراه في وسائل التواصل فما مردُّ ذلك؟.. هل هو شغف التسيد عند المتحدث أم رغبة منه أن يكون في موقع العالم والخبير بشؤون غيره ليحرز المجد والثناء؟..
محترفو الفلسفة من البشر كُثُر نجدهم في كل مكان وتحت أي ظرف في فلسفة التحدث نيابة عن الآخرين دون علمهم أو موافقتهم. ومن واقع المجال السياسي ما حدث في»بنما» بعد ما ألغى رئيسها انتخابات عام 1989 حيث خرج «جورج بوش» رئيس الولايات المتحدة آنذاك وصرح في بيان عام قائلاً: إن تصرفات رئيس بنما المسمى «مانويل نور ييغا» هو تلاعب سافر وإن الشعب البنمي قد قال كلمته بأنه يطمح إلى انتخابات. وبعد هذا التصريح خطط «بوش» لغزو بنما رغم أن رئيس بنما كان له علاقة طويلة مع المخابرات الأمريكية ومع ذلك تم خلعه من السلطة نتيجة الغزو الأمريكي لبنما.. هذا مثال من واقع السياسة ويمثل مظهراً من مظاهر التحدث نيابة عن الآخرين دون موافقتهم والتدخل في شأن الدول دون إذن مسبق منهم ودون علمهم. إنه شغف السيادة على العالم الذي تميزت به أمريكا رغم سوئه.. فهل يمكن أن تكون التصريحات الخطابية المتمثلة بالتحدث نيابة عن الآخرين دون موافقتهم ممارسة مشروعة؟
أما في مجال الأدب فيحضرني اسم الكاتبة والمؤلفة والروائية الكندية «آن كاميرون» وقد كتبت عدة روايات بضمير المتكلم عن حياة نساء كندا وفي معرض الكتاب النسوي الدولي عام 1988 طلبت مجموعة كاتبات من «آن كاميرون» الاعتذار على الملأ عن ما كتبته ونشرته في أحد كتبها وبعض مقالاتها عن النساء وذلك دون علمهن وأخذ موافقتهن فكان الاعتذار..
السؤال: هل التحدث نيابة عن جميع النساء كان انطلاقاً من كونها امرأة؟.. إن لم يكن كذلك فكيف تكون الحدود الفاصلة لهذه المواقف لتجنب الوقوع في مواجهات بين الطرف المتحدث والآخر؟
إن إشكالية التحدث نيابة عن الآخرين دون علمهم أو موافقتهم هي من القضايا غير الأخلاقية وغير المشروعة ويجب التصدي لها فغالباً ما تؤدي إلى صدامات واختلافات الجميع في غنى عنها.. أخيراً لنقطع فضول الكلام بجمال الصمت.