سهوب بغدادي
فيما عجَّت مواقع التواصل الاجتماعي بالحكم القضائي ومفاده إدانة مواطن بالتشهير عبر ذكر اسمه الكامل بجريمة التحرش الجنسي.
حيث يُعد هذا النهج جديداً عقب التعديلات والإصلاحات المجتمعية التي قامت بها المملكة في نطاقات عديدة تشمل جميع مواطن الحياة، في الوقت الذي استبشر العديد من الأشخاص بهذا الخبر، وجدنا آخرين اعترضوا عليه والسبب أن الفضيحة ستلحق بأسرة المتحرش، وسيعانون من آثار الفضيحة لوقت طويل، كما تساءل البعض عن مصير الفتاة المتحرشة، هل ستواجه ذات المصير؟ فضلاً عن الآلية المعتمدة للتبليغ عن حالات التحرش والقضايا المتعلقة، وطريقة الأحكام وما إلى ذلك.
في هذا الصدد، يتضح أن القانون رادع لبعض الفئات ولكن في حالات أخرى التي يندرج تحتها المراهقون لن تكون ذات الطريقة ذات نفع، باعتبار أن المراهق أو القاصر يقلد ما يراه في مواقع التواصل الاجتماعي ويتشبه بأقرانه والكبار، فهنا يأتي دور التوعية للأسرة والفرد، فمن المستحسن أن يكون هناك مسار واضح لمن تم مواجهة تهمة التحرش، من خلال توعيته ومناصحته، ومعاقبته بأمور نافعة له على المدى البعيد، على سبيل المثال الحكم على المتحرش بعدد معين من الأعمال التطوعية في منشآت خيرية أو ما شابه، فضلاً عن حضور محاضرات توعوية بأساليب التعامل والتوافق الاجتماعي، وقد يحرم من فرص التقديم على الجامعات الحكومية، وفرص التوظيف في السلك العسكري وما شابه، وهنا نستطيع أن نوجه المتحرش من شخص مؤذٍّ في لحظة ما، إلى شخص مساهم في الأعمال المجتمعية بتطوعه، وشخص أكثر وعياً فيما يتعلق بالتعاملات الإنسانية، وفي حال تكرار الجريمة يعاقب عليها بالتشهير.
إن مجتمعنا محافظ ولا يزال يهاب الفضيحة و»كلام الناس»، وسيكون المتضرر الأكبر أخوات المتحرش فسيعرض عنهن الخُطَّاب، وبعض الأمور المتعلقة بالعوائل، فيبقى هذا الشخص وصمة عار في تاريخ الأسرة، الأسرة ذاتها التي بها علماء وأطباء ومعلمون ومربيات أجيال، وقد يستعاض بنشر صورة الشخص واسمه الأول واسم والده مثلاً وهو الأمر المخيف والرادع ولكن لن ينسف عائلة المتحرش معه.
إن التحرش ظاهرة مقيتة حقاً لذا يجب أن نردعها، وقبل ذلك أن نجتثها من أصولها بالتوعية والتوجيه والإرشاد.