النَّجاح بالمعنى الحقيقي هو أداء ما نستطيع أداءه على أحسن وجه وأكمل صورة فالنَّجاح كله رائع والأروع من ذلك إحرازه بعد عناء ومشقة وكفاح ومثابرة لقد تحدَّث العلماء عن النَّجاح وقالوا إنه كلمتان الإيمان والمثابرة بعد وصف دقيق وتحليل راق فإن مهمَّة النَّجاح أن ننجح وأن نتخذ العبرة، وأن نسعى بكل ما أوتينا من قوة، وأن نؤدي الواجب، وأن نراعي الشّروط، وأن نراعي الصّحة، وأن نراعي العقل، وأن نراعي النَّفس، وأن نحاول أن ننجح في كل مضمار وذلك بتبادل المحبة مع الآخرين حتى نضمن لأنفسنا الخير والنَّجاح.
فإن مضمار النَّجاح يقاس بمدى الانتفاع من الدّروس في هذه الحياة! ولكن النّجاح في الحقيقة ليس كله قناعة وتضحية كما يقول الكثير من البشر، بل إنه يعتبر وليد الحوافز الشَّخصيَّة التي تُسيره إلى الأمام. فالعظيم من النَّاس لا ينسون أنفسهم ولا يغمطون حقوقهم فإن النَّجاح له أركان تتمثل بالصبر والجلد عن الفشل، وعن النكبات وعن المحن وعن المشاق.. فالصبر الجميل الذي يعقبه فرج ويسر وسهلة وانقشاع، الصبر الذي نعتصم به ونثابر به، فلا نجزع ولا نضيق ولا نتألم من الهزيمة والفشل والإحباط ولا ننكص على أعقابنا ونثني عن جهودنا..
فالصبر الذي لا يعرف اليأس، ولا يعرف التمرغ في أوحال القنوط فليكن منبع نجاحك الاعتماد على نفسك بعد الله ليكن هذا سجيتك، وليكن ديدنك. فالنَّجاح في العمل يعتبر في حد ذلك فناً يتطلب الحذق والهمَّة والمهارة والمعرفة، ومهما كان العمل، ومهما كان نوعه فهو بحاجة إلى التّدبر والإعداد فكل عمل له هدف وغاية ووسيلة تستهدف أبجديات النجاح وذلك من أجل الإنجاز فهذه الإرادة التي ينبغي أن تغرسها في النَّفس فهي بلا ريب عنصر من عناصر الثَّقة بالنَّفس وهو الأمر الذي يرتهن به النَّجاح إلى مدى بعيد.
فالنفس البشريَّة تواقة لمعرفة الأمور كافَّة التي تقرر مصير العمل:-
أولاً:- التفاؤل في الفكر مما يجعلك تنظر دائماً إلى أعلى وتنطلق إلى الهدف ولا تتردد ولا تحجم.
ثانياً:- يجب أن تروض هذه المخيلة على اعتبار ما تقوم بأدائه ناجحاً مضمون النجاح، وأنه أمر مسلَّم به، لأن هذا اليقين يضاعف من ثقتك ويعزز إرادتك.
ثالثاً:- يهذب عقلك تهذيباً إيجابياً منظماً، يجعله قادراً على التنفيذ والتحقيق ويركز طاقتك تركيزاً موجهاً إلى غاية واحدة في آن واحد، لا على عدة غايات وأهداف حتى لا تختلط الأمور وتصاب بالحيرة.
ليكن ما تريده واضحاً ومستقيماً كن قائداً حصيفاً واعلم أن الجهد الذي يتسم بطابع الفوضى ينقلب إلى جهد ضائع مهدر ويقل الإتقان وتعم فوضى النفس - فالإرادة هي أداة التحقيق في الإنسان، وما من عمل عظيم أو تافه إلَّا وتكون الإرادة هي الأداة التي حققته - فالنجاح إذن إرادة كما قال علماء النفس ولكن ما في القول من غث تطوح به، وما فيه من سمين نتلقفه بعقولنا وقلوبنا، يقولون إن المخيلة هي عنصر النجاح... فلا بأس عليهم ولا بأس علينا ويقولون إن المعرفة هي عنصر النجاح.
والله الموفق والمعين...