م/ نداء بن عامر الجليدي
كنت أعتقد أن البيت هو المسكنُ بمفهومِه الشاملِ الذي يحتوي داخله على الفراغات التي تغطي الوظائف المطلوبة لكل فراغ، وأن تكون علاماتُ الفراغاتِ المختلفة داخل المسكن متكاملةً، مؤكدة الخصوصية لما يلزم خصوصيته، وأن تكون هذه الفراغاتُ تامةَ التهوية بما يوفر الحياة الصحية داخلها ومضاءة إضاءة طبيعية في النهار، الإضاءة اللازمة لكل فراغ بما يضمن كفاءته الوظيفية، وأن تكون الفتحاتُ التي توفر التهويةَ والإضاءة موزعةً بحيث تسمح باستخدام الأثاث والأدوات التي تشكل وظائف هذه الفراغات، طبقًا لنوعية الأثاث والأدوات المناسبة لشاغلي هذه البيوت والمساكن بشرائحهم الاجتماعية والاقتصادية المختلفة.
بعد هذا التحليل النظري الذي حاولت اشرحه لزوجتي رغم عدم قناعتها بفلسفتي حول التحكم بالتصميم لأننا نقوم الان بمتابعة تصميم منزلنا فقد رأيتها تتجه إلى تصاميم غريبة وجدتها على الشبكة العنكبوتية والتي أظهرت لنا تصميماً غريب الشكل والمشكلة أن زميلي المصمم يتفق معها بهذا التوجه.. فنجد أنه قد ظهرَ في العشرين سنة الأخيرة توجهٌ نحو التغريب في تصميم بعض المشروعات السكنية، باعتقاد أن في ذلك تحديثًا للحياة المعاصرة التي تمرد فيها الأبناء على عادات الآباء، فرأينا الإعلانات التي تذكر أن الواجهات المطلة على الطريق قد احتوت على الأعمدة الإغريقية اليونانية القديمة، ورأينا أخيرًا مستثمرًا جادًا يعلنُ عن مشروعه بأنه عودة إلى بيت العائلة السعودية طبقًا للتصميم الغربي الذي يحقق الخصوصية، وشاهدنا أن معظم الأسقف النهائية للوحدات مائلة وقد استخدمت «القراميد» المحلى والأجنبي وكأن مناخَ مدنِ السعودية قد تحول إلى مناخٍ مطير، وأن السحب الممتلئة بالماء لا تفارقنا البتة.
في تصوري أن قضية الترغيب في تصميم المساكن «البيوت» تحتاج إلى نظرةٍ جادة من الأكاديميين بالجامعات ليتعلم دارسُ العمارةِ مزيدًا من معايشة الواقع الاجتماعي لدينا في شرائحه المختلفة، ليتمكن من تصميم الفراغات الصالحة لطبيعتنا، كما وتحتاج أيضًا إلى مزيد من البحث التطبيقي من مركز بحوث البناء والإسكان، ليكون لدى مصمم المسكن من خلال المركز قاعدة البيانات عن مهارات البناء ومواد البناء وأساليب الإنشاء في المناطق المختلفة فوق أرض الحرمين، عند ذلك ستكون لدينا بيوت سعودية طبقًا لتصميماتٍ سعودية يسكنها سعوديون هل وصلت الصورة يا أم اصيل ويا سعادة المصمم... ودمتم بود.