فدوى بنت سعد البواردي
يعتقد الكثيرون بوجود «تواصل العقول» و«التخاطر»، أو ما يُعرف بمصطلح «تيلي بيثي» Telepathy، وهو القدرة على توصيل الأفكار والمشاعر من شخص لآخر عبر وسيلة مختلفة عن الحواس الخمس التي يعرفها الإنسان وهي: الرؤية والسمع والشم والتذوق واللمس.
ولأن العقل البشري هو جزء من الجهاز العصبي الذي يضم جميع الخلايا العصبية في الجسم، فإن نقاط الاشتباك العصبي هي المكان الذي تلتقي فيه الخلايا العصبية في الجسم، وتحمل فيه إشارات كيميائية وكهربائية، لتلقي وتنفيذ الأوامر. على سبيل المثال، عندما يريد شخص أن يحرك ذراعه، فإن العقل البشري يرسل رسالة إلى الذراع للتحرك. ويتم نقل هذه الرسالة عبر نقاط الاشتباك العصبي من العقل للذراع، ويحدث ذلك فقط لأن العقل يرى أن الذراع بحاجة إلى الحركة، وليس لأن الذراع هو الذي قرر هذه الحركة، ومن ثم يتم إرسال الرسالة من العقل (صاحب القرار) إلى الذراع (المتلقي).
إذن، فإن التخاطر هو قدرة الدماغ البشري على نقل الأفكار والمشاعر، عن طريق رسائل عقلية، بغض النظر عن المسافة بين الأشخاص. وكمثال آخر، وهو عند التفكير في شخص ما لم تتواصل معه منذ سنوات، ثم تجد بعد دقائق قليلة رسالة أو اتصالاً من ذات الشخص. وكذلك، عندما تشعر الأم بأن طفلها البعيد عنها في خطر ما، وبالفعل، يكون قد سقط من فراشه أو قد تناول مادة مضرة.
ويعتقد الكثيرون أن فرصة هذا التواصل العقلي موجودة بالفعل عند الجميع، بلا استثناء، ولكن يجب التدرب عليها كمهارة ذهنية، وممارستها بانتظام لإتقانها.
وقد بدأ الاعتقاد بالتخاطر منذ العصور التاريخية، حيث إنه نشأ عند الإغريق قديماً، وهو يتكون من كلمتين: «تيلي» و»بيثي» وترجمتهما هي: «مسافة» و»مشاعر». وعلى سبيل المثال، فقد حدثت حالة تاريخية معروفة للعالم الروسي ميخائيل لومونوسوف في القرن الثامن عشر، والذي رأى والده ذات مرة في المنام وقد حوصر في جزيرة غير مأهولة في البحر نتيجة غرق سفينة كان يستقلها. ثم بناء على إصرار لومونوسوف، ذهب شقيقه مع الصيادين للبحث عن والدهم، ووجدوه في المكان المحدد. وتلك الحالة حدثت في عصر لم يتواجد فيه أي تقنيات حديثة للتواصل، مثل الهاتف أو اللاسلكي أو غيرها من الوسائل.
وهذا ليس كل شيء.. بل يعتقد الكثيرون أنه عبر التخاطر، يُمكن قراءة أفكار الأشخاص الآخرين، ومعرفة نواياهم، وكذلك إلهام الأشخاص وحتى الحيوانات بأفكارهم وعواطفهم بشكل تخاطري. بل هناك اعتقاد أن المتلقين لتلك الرسائل العقلية سوف يقبلون هذه الأفكار أو المشاعر على أنها أفكارهم أو عواطفهم.
هل هذا محض خيال...؟
خيال ودجل..
هكذا قام المشككون بمعارضة وجود التخاطر. كما أكدوا أن حالات التخاطر الناجحة كانت عن طريق الصدفة أو الدجل.
ومع ذلك، بالكاد أدرك أي منهم أن «مسرحية» الخيال هذه تفسح المجال للبحث العلمي والتجارب. وقد تمت دراسة التخاطر مراراً وتكراراً عبر السنوات. كما يمكن العثور على تمارين ذهنية في العديد من المواقع الالكترونية لتطوير هذه الظاهرة، كما تناولتها العديد من المراجع والكتب، وأيضاً المناهج في بعض الجامعات.