أهداني صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن مشعل بن سعود بن عبد العزيز آل سعود نسخة من كتابه (الشهداء الأبرار من أسرة آل سعود في حروب التأسيس والتوحيد والدفاع)، وقد شدني في أسلوبه التأصيلي للمعاني السامية للشهادة التي يبتغى فيها الاستشهاد في سبيل الله من خلال حملات التوحيد لتتحقق الوحدة والازدهار، وهذا النهج أتى عندما وضع لبنة البناء الإمام محمد بن سعود بتأييده الدعوة الإصلاحية التي قام بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب في عام 1157هـ - 1744م، فكان ذلك منطلقاً لنشر الدين الصحيح والقضاء على الممارسات المخالفة للتوحيد في هذه المبادئ والقيم والتي تحمل النزعة السياسية والدنيوية التي تم ترسيخها من قبل الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب، آخذين بالاعتبار منهجهما الرباني كتاب الله وسنة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وهي معرفة الله وتحقيق العبودية والحكم بما أنزل الله، آخذين العبرة من بعض العصور السابقة التي حادت عن منهج الله وانتشرت فيها الخزعبلات والبدع والمذاهب الطائفية، وترتب على ذلك غياب الحكم الذي يحقق الأمن للأمة الإسلامية؛ مما جعل الاستعمار يستغل ما حصل ببلاد المسلمين من فرقة وضياع ونشر أيديولوجياته المختلفة وطمس الهوية الإسلامية، حتى جاءت هذه الدعوة المباركة التي جددت الأمل للمسلمين وجعلتهم ينعمون بالإسلام بمكة التي تحتضن بين جنباتها المسجد الحرام والكعبة المشرفة قبلة المسلمين، وأصبح المجيء إليهما يتم بيسر وسهولة وتؤدى فيهما العبادة كما ارتضاها الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أي وقت ومن خلال توفير كافة الخدمات التي تقدم بدون فضل ولا منة، وبذل فيها الغالي والنفيس طيلة أدوار الحكم السعودي، وما ينطبق على مكة ينطبق على مسجد نبي هذه الأمة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - في المدينة المنورة الذي جعل منها مركز النور والهداية وانطلاق المجاهدين للفتوحات الإسلامية، فالدولة السعودية أحيت ذلك بالمحافظة على هذا الإرث، وهذا لم يتم إلا من خلال تقديم الشهداء الأبرار الذين أحيوا الجهاد في سبيل الله وقدموا أرواحهم في سبيل ذلك.
هذا الكتاب يرصد الدور الذي لعبه الشهداء الأبرار من أسرة آل سعود وليس بالضرورة أن يكون جميع هؤلاء القادة من أسرة آل سعود استشهدوا في المعارك بشكل مباشر، فالبعض منهم أسس ورسخ الحكم وكان همه الأول والأخير أن تكون أمنيته الشهادة ولم تتحقق ومات على فراشه، ولكنه كان يهدف إلى ذلك.. فعندما نستعرض ما ورد في ثنايا هذا الكتاب نجد البعض منهم أدى أدواراً مختلفة كلها تصب في تحقيق الشهادة بصورها المختلفة.
وقد قسم المؤلف الدولة السعودية كما أورده المؤرخون:
1 - الدولة السعودية الأولى تأسست على يد الإمام محمد بن سعود بن محمد بن مقرن سنة 1157هـ - 1744م، وشهداؤها خمسة وعشرون من أئمة آل سعود وذكرهم المؤلف من خلال الجدول الموضح في الكتاب. وانتهت 1233هـ - 1818م.
2 - الدولة السعودية الثانية تأسست على يد الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود سنة 1240هـ - 1824م وانتهت سنة 1309هـ - 1891م، وشهداؤها من أئمة آل سعود عشرة ذكرهم المؤلف من خلال الجدول الموضح في الكتاب.
3 - ثالثاً: المملكة العربية السعودية تأسست على يد جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود عام 1319هـ - 1932م.
ولا زالت شامخة حتى عصر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وقد ذكر المؤلف أسماء الأمراء الذين استشهدوا خلال مراحل توحيد المملكة وعددهم عشرة حسب الجدول الموضح في الكتاب (طبع الكتاب سنة 1442هـ).
** **
- منصور إبراهيم الواصل