فهد بن سهل آل جبر المصارير
القدوة الحقيقي مَن يبذر في كل من حوله سلوكيات الإيجابية والسعادة والنماء بطرق التأثير وليس بطرق التدريب، بطرق لا منطوقة ولا مكتوبة إنما محسوسة فقط، محسوسة من نمط القيادي الفذ بأخلاقه واحترامه للقريب والبعيد للصاحب والغريب، محسوسة من نمط تمسكه بالدين والمبادئ القيمة، إشعاع آرائه وخطاه فيه الحكمة مصبوغة بالأناة، يرضى لغيره مثل ما يرضى لنفسه.
القدوة الحقيقي مَن لا يرضى من كائن من كان أن يقلِّل من شخصيته أو شخصية من حوله أو من جعله الله تحت ولايته أو كل من لا يستطيع الدفاع عن نفسه، القدوة الحقيقي من يضبط فلتات لسانه، وقل في وقتنا هذا إلا من رحم ربي، أي لا ينطق بكل سلبي ولا حرف تجاه أي شخص، لأنه ليس من حقه أن يخوض يمين وشمال فيما لا يعنيه، بل يجب على القدوة الحقيقي أن يرشد وينصح بالتي هي أحسن وبالأسلوب الإيجابي فقط، ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدوة حسنة كما قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا).. فالرسول - صلى الله عليه وسلم - قدوةً لكل مسلم، بل قدوة حتى لغير المسلمين في تعامله وصبره على الإيذاء حتى أصبح أعداؤه مسلمين، بل ومن الصحابة - رضي الله عنهم - ومن المقربين له، فالرسول هو الشخصية والقدوة المثالي الحقيقي لكل من أراد أن يكون قدوةً مثالياً، ولعل هذا المقال يقودنا لنتعرف أكثر والقراءة أكثر حول سيرته - صلى الله عليه وسلم -، وكما لنا في أصحابه والسلف - رضي الله عنهم - قدوة، فلنا كذلك في أجدادنا عِبر وحكمة، فمن المقولات التي أعجبتني وفيها من الشجاعة والحكمة والثقة بالنفس احدى المقولات للمؤسس الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - عندما قال: «إني جعلت سنتي ومبدئي ألا أبدأ بالعدوان بل أصبر عليه وأطيل الصبر على من بدأني بالعداء وأدفع بالحسنى ما وجدت لها مكانا، وأتمادى في الصبر حتى يرميني القريب والبعيد بالجبن والخوف، حتى إذا لم يبق للصبر مكان ضربتُ ضربتي وكانت القاضية»، فهذه المقولة تجسد في روح القدوة أن عليه أن يتحلى بطول البال والصبر، فحين يلزم الأمر ويطفح الكيل يبرز ما يثبت قوته ويرد كرامته ويعزز ثقته بنفسه، فالقدوة ليست بالكلام فقط بل بالفعل أيضاً، فالفعل هو الناتج الحقيقي والفحص المختبري لتحليل شخصيتك وثقتك بنفسك وتدوين خطواتك، فلولا الاختبار الدنيوي ما عرفت أصحاب الهمم والقدوات، فالقدوة الحقيقية مهمة جداً لكل إنسان، فلكل إنسان قدوة حتى ولو لم يقصد أن يكون له قدوة، بمعنى حتى لو لم يشعر بأنه يقتدي بأحد ولكنه في الحقيقة لا يوجد أحد من دون قدوة، ولمن يقتدي به أثر عليه في تعامله وسلوكياته وتصرفاته كبيرها وصغيرها بل حتى في نطقه بعض الكلمات، فهذا شيء من واقع تجربة نظرته وعايشته، فمثلما يقال لكلإنسان نصيب من اسمه، فأنا أقول لكل إنسان نصيب من قدوته، فلولا القدوات العظيمة لأصبح العالم من دون قدوات، فالقدوة أنواع ومستويات قدوة فالعلم وقدوة في الدين وقدوة في السياسة وقدوة في التجارة وقدوة في التمسك بالمبادئ وقدوة على مستوى جماعه وقدوة على مستوى قبيلة أو مجتمع وقدوة على مستوى العالم، وخيرهم من جمع هؤلاء كلهم حتى يصبح القدوة المثالي.
في نهاية هذا المقال ليس الهدف مما كتبت هو إظهار اسمي وسرد الكلام الذي لا فائدة منه، بل هدفي توعية وتذكير المجتمع بأهمية التركيز على الشخصية الكفؤة التي تستحق أن نجعلها لنا ولأبنائنا قدوة حقيقية خاصة في هذا الزمن، وإن لم نجعل لأبنائنا قدوةً مثالية متميزة أصبحوا جريرةً وراء أهل التفاهات الساذجين، ومع مرور الزمن سيصبح هؤلاء هم الأهم بالنسبة لهم وهم قدوتهم، وما يفعلونه سيفعله اتباعهم من الشباب والشابات وهذا خسارة تحتم علينا جميعاً الانتباه لها، فمجتمع لا يخرج من أصلابه أجيال تقتدي بأهل الهمم والدين والمروءة والمبادئ القيمة لا خير فيه وسيسقط في نموه وازدهاره.