عبده الأسمري
بين «حرية « القلم و»هوية « الذات ووسط «هيمنة « الفلسفة و»سلطنة « الحداثة..بنى «صروح « السيرة بخطوط «ملونة « تعالت بصوت «المجتمع « واعتلت بصدى « الرأي «..فكان قلمه «الأحمر « نضالاً أمام «الأخطاء» ويراعه «الأخضر «دافعاً خلف «العطاء»..
اختار «العزلة» طوعاً وانتقى «الهجرة « اختياراً واستلهم «الثقافة « خياراً فكان «خازن» أمينا لتعاليم «الأدب «و»سادنا» مؤتمنا لمقاليد «النقد».
زرع في «واحات» المقالة «بذور» المعاناة فجنى من «ساحات» الكلمة « ثمار الفوائد فكان «نصيراً « للفقراء و»عضيداً « للمهمشين و»مؤيداً « للمبدعين «و»معادياً « للفاسدين..واستمر يوزع «نثار «حروفه في «سماء» الكتابة ببذخ مما جعله في اتجاهين شهيرين من «إثارة « الجدل و»استنارة « العدل..
إنه الأديب والناقد والباحث والكاتب عابد خزندار -رحمه الله- أحد أشهر الكتاب والنقاد والأدباء في السعودية والخليج.
بوجه حجازي تغلب عليه «أصول» الأسرة وتتجلى فيه «فصول» العائلة وتقاسيم هادئة وملامح مكاوية تتكامل على «طلة « جادة خليطة من الجد والود تميزها «نظرات» تنضخ بالذكاء وتنبع بالدهاء ومحيا «أنيق» يعتمر «الأزياء الوطنية» في مرابع الوطن و»البدل الأنيقة» في مهاجع «الاغتراب» وصوت مكتظ بعبارات «أدبية « و»خطاب» ممتلئ باعتبارات «ثقافية» ولغة «فصيحة « تتقاطر منها «كلمات» فريدة تكاد ترى بالبصر.
قضى خزندار من عمره «عقودا» وهو يرسم «مشاهد» الانتقاد بحظوة ذاتية ويؤسس «خرائط» السداد بكفاءة شخصية أديباً ومثقفاً وناقداً ومسؤولاً وباحثاً ولى «قبلة « أمنياته شطر «الانفراد» فظل «كبير» زملائه و»خبير» أقرانه « وصاحب «البصمات» المضيئة بالتأليف والتوصيف في اتجاهات «البحث» و«التحليل» و«التأًصيل».
في مكة المكرمة ولد عام 1935 في حي «القشاشية « الشهير من جذور عائلة «تركية « جاءت إلى الحجاز مع حملة إبراهيم باشا وامتهنت حرفة «أمناء « الخزائن وتحول مولده إلى «محفل « ملأ محيط أسرته بالأهازيج المكية..تعتقت روحه مبكراً بروحانية المكان وتشربت نفسه باكراً «طهر» زمزم وامتلأ وجدانه بتفاصيل «أولى» من وجاهة «الأسرة « وتفصيلات «مثلى»من مكانة» العائلة» وانخطف صغيراً إلى «مواجهات « ثقافية كان يشبع بها والده «أسئلته «المدهشة بشأن المعارف وانجذب باكراً إلى «اتجاهات «عاطفية كانت تسبغ بها والدته «طفولته» الحالمة نحو الأمنيات.
كان والده شغوفاً بتعليمه حيث ألحقه بالكتاتيب وكانت تديرها في ذلك «الزمن» سيدة سعودية سلمته «اللوح» الأول الذي بدأ به «فنون» الكتابة عبر خربشات بدائية لم تلبث حتى تحولت إلى «عبارات «أدبية اكتشفها المتنبئون» بالنوابغ في أم القرى وما حولها..
ثم التحق بالمدرسة النظامية في مدارس الفلاح صباحاً واستمر يتجه عصراً الى الحرم المكي ليكمل «نهارات» التعليم الحافلة بالحسنى حيث حفظ ألفية بن مالك في النحو وعددا من كتب «السير» ومؤلفات «الشريعة» و«اللغة العربية»..
انطلق مع أقرانه في جنبات «البيت العتيق «مراقباً» عبرات «العابدين» في صحن الطواف مرتقباً «دعوات» الطائفين قرب الحطيم متابعاً «سكنات» الراكعين حول مقام «إبراهيم» وموثقاً «ملكات» المبتهلين أمام الحجر الأسود..فتجللت سنواته الأولى «بمعاني «السكينة» ومعالم «الطمأنينة»
أكمل دراسته في مدرسة الرحمانية ثم نال الشهادة الثانوية من مدرسة تحضير البعثات عام 1953.
أذعن خزندار إلى نصح «عائلي» بالتوجه إلى «قاهرة المعز لدراسة الطب الا انه حول مساره إلى الدراسة بكلية الزراعة بعد قراءة مستفيضة لكتاب عابر عن «النحل».
في «مصر» العريقة تمازج مع الأدب وامتزجت دوافعه بآمال عريضة استعمرت عقله فظل يعاقر «الكتب» ويرتاد «مقاهي» الأدباء ويعتاد «مرابع» النبلاء فكبرت معه «دواعي» الإبداع وتنامت فيه «مساعي» الإمتاع..نال خزندار درجة البكالوريوس بتفوق وظل خزندار يلاحق بعد نظره الذي جعله في «حالة» تأهب مستديمة و«نقطة» انطلاق دائمة مما دفعه للسفر الى أمريكا لإكمال دراسته وحصد درجة الماجستير في الكيمياء الحيوية من جامعة ميريلاند سنة 1960. عاد إلى ارض الوطن وعمل وترقى حتى وصل إلى مرتبة مدير عام في وزارة الزراعة عام 1962 ولأنه مسكون بالتدقيق ومفتون بالتحقيق ظل يباشر أعماله ميدانياً فطاف البلاد وزار واحاتها ومزارعها ووديانها راصداً «الظواهر» طارحاً الحلول..
استفاد خزندار من التجربة التي كانت بمثابة «مراجعة النفس» وظلت بمثوبة «منازلة العلا» فطار إلى «باريس» في «عزلة» اختيارية، وأمضى هنالك سنوات لدراسة الأدب الفرنسي والأوروبي والثقافة الفرانكفونية وظل يبحر في «محيطات» الترجمة والموهبة والدراسات..
ألف خزندار أكثر من 11 كتابا في الرواية والنقد والعلوم والتراجم والفكر وامتهن كتابة «المقال» عبر عموده الشهير «نثار» الذي انتقل به بين عدة صحف وكان يكتبه بحبر «الجرأة» عبر فيه عن «هموم» الناس وطرح من خلاله «قضايا» المجتمع وقد قدم عدة كتابات ومؤلفات وبحوث عن «الأدب» و«الثقافة» و«الحداثة» و«المعرفة»..
وكتب عن أدبه وإنتاجه بعض الباحثين في دراسات نقدية وأدبية.
توفي خزندار يوم العاشر من فبراير عام 2015 في «باريس» ونقل جثمانه إلى المملكة وووري في «مقبرة» المعلاة لترقد روحه في ثرى «مكة» الطاهر الذي خطا عليه طفلاً وعاد إليه ليكون «مثواه» الأخير.
عابد خزندار.. الأديب اللوذعي والمثقف النوعي الذي ترك اسمه في «قوائم» الكبار وأبقى إرثه في «مقامات» الاعتبار..