د.خالد بن سعد الحبشان
تتولد النفايات في كل مكان، في المنازل، في المدارس، الأسواق، المصانع والأماكن الزراعية والتجارية وفي كل مكان ونتيجة للزيادات السكانية، التوسع الحضري السريع، وزيادة المنتجات الاستهلاكية والزيادة في جميع السلع والتغيير المستمر في نمط الاستهلاك والسلوك الاجتماعي فقد زاد نصيب الفرد من إنتاج النفايات في السنوات الأخيرة زيادة كبيرة حيث يتفاوت ما بين 200 وما يقرب إلى 600 جرام للفرد يوميا وقد أصبحت النفايات مشكلة تقلق جميع الدول بل تمثل خطراً يهدد البشرية. فالنفايات وطريقة التخلص منها ينتج عنها الكثير من النتائج السلبية من تلوث بيئي، تكاثر للحشرات الناقلة للأمراض والحيوانات والقوارض، الأمراض، الإزعاج العام أو المجتمعي بسبب الرائحة الكريهة وسوء المنظر.
إلى جانب الأمراض الخطرة والجسيمة الناتجة عن حرق أو دفن الأجهزة والإلكترونيات التي تحتوي على بعض المركبات والمواد الضارة المشعة أو التي تخرج ذبذبات ضارة.
ربما القارئ غير المدرك لهذا القول يظن أن هذا مبالغ فيه. ولكن للأسف مشاكل الأحجام الكبيرة من النفايات، والتكاليف المتضمنة، وتقنيات ومنهجيات التخلص، وتأثير النفايات على البيئة المحلية والعالمية في تزايد مستمر والخطر يزداد من حولنا ولذلك نجد الكثير من الدول تسعى جاهدة للحد من آثار تلك المشكلة وأخطارها.
وهنا يأتي دور إدارة النفايات وللوهلة الأول يظن ظان أن الدور سهل ولكن مع التريث نعلم أن الدور المنوط بتلك الإدارة كبير جداً، فالفكرة تكمن في توفير معالجة مخصصة وقوية لجميع النفايات بأقل جهد ممكن ينتج عنه أقل حمل ممكن على البيئة وعلى الدولة مع توفير أقصى قدر من استعادة الموارد من النفايات مع تقليل استخدام الموارد في معالجة النفايات خاصة إذا ما سعينا جاهدين لاستخدام طرق إدارة النفايات كافة من إعادة استخدام، إعادة تدوير، ترميد، تسميد، معالجة بيولوجية، أو تخلص نهائي عن طريق الحرق أو الدفن تحت الأرض.
إن التحكم في النفايات هو كل السلوكيات والأفعال اللازمة للتعامل مع النفايات من بدايتها حتى التخلص النهائي منها. وهذا يشمل، على سبيل المثال لا الحصر، تخزين النفايات ونقلها وإدارتها وإعادة تدويرها إلى جانب المراقبة والإنفاذ. كما يغطي النظام التشريعي والتنظيمي للتحكم في النفايات، بما في ذلك إرشادات إعادة التدوير، إلخ.
ومن وجهة نظري فإن محور الإرشادات والتوعية للمواطنين من أهم المحاور التي يجب أن تتبناها إدارة النفايات، فتثقيف المواطن بأنواع النفايات وطرق التحكم فيها أو التخلص الآمن منها يساهم بشكل كبير في التخفيف من المشكلة.
وكذلك توعية الأفراد بطرق تقليل التوليد الأولي لمواد النفايات من خلال تقليل الفرز من المصدر، ثم من خلال إعادة الاستخدام وإعادة التدوير لتقليل حجم المادة التي يتم إرسالها إلى مكبات النفايات أو الحرق مقارنة بالنهج التقليدي المتمثل في مجرد التركيز على التخلص من النفايات الصلبة.
وكذلك التوعية بأهمية فصل النفايات بحسب نوعها وكيفية تخزينها. وفصل النفايات القابلة لإعادة التدوير ومساهمة المنظمات المختصة في ذلك بتوفير الحاويات المقسمة في الطرقات العامة بل وفي كل منزل حيث تقسم الحاوية إلى عدة خانات؛ خانة مستقلة للمواد التي يعاد تدويرها وخانة أخرى لفضلات الطعام وخانة أخيرة للمواد الأخرى وبذلك تتم عملية فصل النفايات من المصدر. ومن ثم فإن عملية الفصل من المصدر توفر الكثير والكثير من الوقت والجهد والمال ولذلك فلا بد من تثقيف المواطن بهذه الأمور وجعلها متاحة التنفيذ.
ونحن وفي ظل التوجهات المسؤولة من حكومتنا وما تحمله من رؤى تهدف إلى سلامة البيئة والتنمية المستدامة في المجالات كافة وانطلاقا من التطوير الذي تشهده المملكة وعلى نطاق واسع نسعى جاهدين إلى تطوير البنية التحتية من خلال التحول لمفهوم الاقتصاد الدائري وذلك لإعادة تدوير النفايات للاستدامة المالية للقطاع إلى جانب الحد من التلوث عند المصدر، كما نعمل على تحسين جودة المواد المعاد تدويرها من خلال تحسين التكنولوجيا داخل أنظمة العمل حيث بدأنا بتقييم الوضع الحالي للموضوع ككل وتصميم الهيكل التنظيمي كما نحاول أن نعمل على تقليل وإعادة استخدام النفايات وإعادة تدوير النفايات الصلبة إلى أقصى حد ممكن. ونسعى آملين في المشاركات المجتمعية لذوي الهمم ونأبه إلى التعاون إلى الحد الممكن عمليًا في برامج إعادة التدوير التي يقوم بها المجتمع المدني. كما ندعو الشباب وذوي المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى الاستثمار في ذلك الأمر فوضع النفايات هذا، ورغم ما يحيط به من أضرار وخسائر إلا أنه يمكن أن يتم تحويله إلى نعمة ونستثمر فيه من خلال بناء مصانع أو ورش لإعادة التدوير أو تحويل فضلات الطعام إلى سماد (التسميد) ومن خلال تلك المشروعات تسير عجلة الإنتاج والاستثمار التي تمكننا من تشغيل المزيد من الأيدي العاملة.
وملخص القول إننا نسعى إلى وضع برنامج شامل لمنع أخطار النفايات وتحويلها من نقمة إلى نعمة من خلال إعادة تدويرها، تحويلها إلى سماد أو التخلص منها لتقليل التوليد الأولي لمواد النفايات من خلال تقليل المصدر، ثم من خلال إعادة الاستخدام وإعادة التدوير لتقليل حجم المادة التي يتم إرسالها إلى مكبات النفايات أو الحرق مقارنة بالنهج التقليدي المتمثل في مجرد التركيز على التخلص من النفايات.