إيمان الدبيّان
نسمع أو نقرأ أحيانا أخبارا تفيد بضبط مواد غذائية فاسدة مجهزة ومهيأة للمستهلك في مطاعم أو مستودعات أو غيرها من الأماكن، وتوضح نفس هذه الأخبار عن اسم المدينة في بعض المرّات التي وقعت فيها المخالفات مع بيان بعض العقوبات التي لا تتجاوز المعاقبة بالإغلاق لأيام معدودة ودفع غرامة مالية محدودة؛ ولكني أرى أن هذا لا يكفي، وتلك العقوبات لا تُجزي فالإغلاق يعوض بعد استئناف العمل، والغرامة تُسترجع من الأرباح بعد البيع بلا كلل؛ ولكن صحة المتضررين من التسمم من يردها من هذا التجاوز الجلل؟! فالمواد الغذائية الفاسدة أيا كان نوعها هي مواد سامة غالبا إذا تناولها الآدمي تصيبه بالتسمم الذي يضر بالإنسان، وقد يتسبب بإصابات ومضاعفات صحية ليست بالحسبان، فلماذا لا يشهر باسم صاحب المنشأة ويتم إيقافه ليكون لغيره عِبرة، ويكون المستهلك في بصيرة من أمره، فمن لا يهتم بأرواح الآخرين مُخطِطا ومُدبِرا جشعا وطمعا، أرى أن لا يُهتم بالسَّتر على اسمه رأفة ورحمة.
مع الستر على الآخرين إذا كانت التجاوزات والجرائم فردية، أو خاصة، غير مجتمعية؛ ولكن عندما تكون مخالفات عامة يتضرر من جرمها الناس كافة يختلف التعامل وتتبدل ردات التفاعل.
الضرر على الإنسان من مخالفات بعض التجار وسماسرة الغش باقتدار لا يقتصر على المواد الغذائية أو الاستهلاكية، فقد يصل أوقاتا إلى الضرر الطبي المباشر من أطباء غير مؤهلين، أو بالشهادة الطبية المزورة متنمقين، فتُقتل أنفسٌ وتُعطل أعضاءٌ لا تعوضها الأموال في كل الأحوال، عندما يكون الخطأ متكررا، والغش مُتعمَّدا، فالمصيبة عظمى، والخسارة كبرى، والأضرار ليست صغرى؛ لذا التشهير هنا مرغوب، والاقتصاص مطلوب (السن بالسن والعين بالعين...).
همسة لكل من يستثمر في أرواح البشر وصحتهم وغذائهم، ألا تخشى رقيبا يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور؟! ألا تخاف من دعوة متضرر ستصيبك في أيام متقلبة تدور؟!
مؤسساتنا الحكومية العامة والخاصة تضبط وتراقب، وتحقق وتحاسب، وبالتالي تطبق النظام على كل مخالف وتعاقب بحزم وعزم وهمة ودقة؛ ولكن بقي دور الإنسان الواعي مستثمرا مقدما للخدمة، أو مُستهلِكا مستفيدا من التجربة، فالمراقبة الذاتية قبل الرقابة العامة، والحصانة الاستهلاكية الفكرية قبل تطبيق الأنظمة الواضحة، الإنسان شريك في الوعي والقرار، ومحور الاهتمام باستمرار.