د.معراج أحمد معراج الندوي
الأدب هو الكلام الجميل الذي يخرج من بئر الفواد، فيسكن القلب، الأدب هو الكلام الذي يأتي حين تتأزم الأمور، ولا نجد إلا الكلمات تعبر عن آلامنا وأحزاننا وأحلامنا. الأدب هو المنقذ من مأزق الحياة، الأدب ملجأ القلوب المتعبة والنفوس المبحرة في عوالم تأملية ينطوي الوقع في ثناياها بحلة خيالية تعكس لواعج الروح وانحناءات التفكير.
الأدب يبوح ما تكمن في القلوب، ويفيض ما تسر في النفوس، ينشلك الأدب من هوة الجحيم، ويقذف به الإنسان نحو الفضاء ليسمو ويرتقي، الأدب هو صوت ذات الكلية على هيئة كلمات، تلك الإشارات الرمزية التي ترسمها لتفكك شيفرة القلب المغلق بأضلاع الآسرة، الأدب حبر الروح المقطر على بياض أوردة الورق.
الأدب يتيح الإنسان الفرصة لإلقاء نظرة عميقة على أوجه الحياة المختلفة. الأدب قادر على تغيير رؤية الإنسان للحياة، سواء من خلال ما حققه الأدباء من إنجازات قيمة ساهمت في الارتقاء بثقافة ومفاهيم المجتمع، فالأدب بصمات عمرنا، وأثر الخطى العابرة فوق تراب ذاكرتنا، وهو مرآة الأحاسيس والعقل، لتحرر بتنقش على بازلت الصفحات مسار القلم المتصل بأوتار الخيال والهواجس.
الأدب يضعنا أمام حقيقة أنفسنا، لنجرد من الحياة قليلاً ونفصح عنها بتعبر بالغة عن آمالنا وآلامنا برقي إنساني وفصاحة لغوية صريحة. الأدب هو الذي يخرج الإنسان من العالم المزدحم الضيق الذي يعيش فيه، وينقل إلى عالم فسيح بهيج، عالم يعيش الإنسان فيه وحيدًا مع خوض الرواية أو إحساسات ومشاعر أو تصويرات الخاطرة أو مشاهد المسرحية.
الأدب يشذب نفوس الإنسان ويصيقل عقوله، ليحمل معنى الآداب الحياتية والتصرفات، وكذلك المعنى الفكري اللغوي في الوقت ذاته، الأدب يجبرنا على التعامل مع كل ما حولنا بروح مشتاقة للمحبة والأمل والسعادة.
الأدب يطلق العنان للخيال ويحرض حواسبه على تكوين مشهدية معنية يتلاشي نقاطًا مركزية في شخصية الإنسان وكيانه، ما يكسبه الإحساس العالم بما يدور في خوالجه، وهو تعبير صادق عن تفاعل الإنسان وإحساساتهم. وليس الأدب مجرد وسيلة للتعبير عن حياة الإنسان ومرآة المجتمع والأحداث والتاريخ، وإنما هو وسيلة لتبادل الإحساسات والمشاعر ومشاركتها مع الآخرين.
الأدب فلسفة الحياة والزمن، الأدب رواية يكتبها الإنسان ليضيئ قناديل مطفأة في أوقة الوجود، الأدب نثر لوردج الكلكات على قارعة الوقت، قافلة من الشعر تجر معها أحلام الإنسان وصمته نحو فضاء الشعور، الأدب قصص تسردها اللغة على مسمع أحزان الإنسان، فالأدب هو مأثور الشعر الجميل والنثر البليغ الذي يحرك الوجدان ويثير العواطف.
الأدب يمنح الإنسان الفرصة للشعور بمشاعر الشخصيات التي يصفها، ويتيح له الفرصة لاختبار الأفكار التي تطرح في عالم أدب الخيال، الأدب يهدف إلتى تجسيد الأفكار الوجدانية ويخلق صورة جمالية لرؤية كاتبه وقارئه بشغف مستمر لإنتاج طازج من خبز الأفكار.
** **
الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها - جامعة عالية،كولكاتا - الهند