منيرة الخميري

شجرة الغضا عند أهل عنيزة توازي في غلاها شجرة النخيل، ومن شدة ارتباط شجرة الغضا بحياة أهل عنيزة أوجدوا لها مناسبة سنوية أطلقوا عليها مهرجان الغضا، وهو أهم المهرجانات الشتوية والذي اسمى أهدافه حماية البيئة.

غضا عنيزة رمز مكاني وإرث بيئي، وتُعد شجرة الغضا من أشهر الأشجار بالسعودية التي جمّلت كثيرًا من القصائد والأغاني التي تغنى بها كثيرون، والغضا يوجد في صحراء النفود في الشمال وقرب الزلفي لكنه تميز في عنيزة لكونه منطقة محمية ومرتع نزهة وترفيه.

ويعتز أهل عنيزة بوجود شجرة الغضا بينهم لما لها من عمق تاريخي وأدبي في جزيرة العرب.

البيئة هي الحاضنة للإنسان وأي اختلال بها ينعكس بصورة مباشرة عليه، وما حدث من استنفار لمجتمع عنيزة وتعاضد للجهود من رجال ونساء وأطفال وقطاعات باستزراع شجرة الغضا والحفاظ عليها من أجل استدامتها في مرحلة كانت قد طالتها أيادي الاحتطاب والقطع يكتب في التاريخ، حيث لعب الأهالي دوراً بالغ الأهمية في حماية أشجار الغضا يقودهم الحس الوطني والانتماء القوي لمدينتهم.

نتحدث عن زراعة أكثر من «ثلاثة ملايين» متر مربع عن مشروع عن رؤية عن هدف. ننطلق في رحاب الغضا وعياً بأهمية الغطاء النباتي ننشد رضا الأرض ونستقطب طلاب المدارس لتعميق حب الوطن وتعزيز قيم الانتماء، فعندما يغرس الطلاب شتلات وبعد العام والعامين يرون ماذا قدموا لأرضهم فهي المحطة التي ترسخ بالأذهان.

هي علاقة تفاعلية حيث تتسم العلاقة بين الإنسان والمكان بالتلازم والالتصاق والتفاعل والانسجام بينهما، وأغلب ما يقوم به الإنسان من نشاطات متنوعة هي صورة من صور انتمائه للمكان.

فالأرض ملتقى للحياة للأحبة للجمال للطفولة والذكريات، نبكي شوقاً وحنيناً عندما نُغادرها ونشهق فرحاً عندما يأتي أسمها وتدق قلوبنا أهازيج الفرح ونسترسل في وصفها ومزاياها حتى نغري الآخرين لزيارة أراضينا.

أبطال الغضا..

عبدالله الصالح المرزوقي -رحمه الله- خمسة وثلاثون عاماً وهو في حراسة المراعي والغضا من المتنزهين، يمنعهم من تكسير الغضا ويحثهم على أخذ اليابس من أسفل الشجر ويؤكد لهم أن هذه باقية للأجيال القادمة.

سليمان بن علي العبيد -رحمه الله- أول قائد دورية لمراقبة البيئة وحماية الغضا، اثنتان وسبعون سنة من على ظهر جمل إلى حصان ومن ثم السيارة وكانت الخيزرانة للاحتطاب الجائر.

سليمان محمد الخويطر -رحمه الله- أحد أبطال البيئة وهو من أوائل من استزرع الغضا، بذل الكثير جهداً ومالاً من أجل حماية الغضا، صاحب فكرة متنزهات الغضا.

عميد أسرة السليم

«العم أبو نجم» -حفظه الله- هو عبدالله بن عبدالرحمن السليم أحد رموز عنيزة، قرأت كثيراً عن هذه الشخصية وأدهشتني، فهذه الأسماء من تستحق أن يُبحث عنها ونغذي ذاكرتنا بعطرها، فقد عُرف بوطنيته وحبه لمدينته والذي يترجمه بالسعي الحثيث لخدمتها، له مبادرة فاعلة وبصمات في حماية متنزهات الغضا.

ومن هؤلاء والولاء والانتماء لأرضنا وصلنا للعالمية بدخول متنزهات الغضا موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأكبر حديقة نباتية في العالم لأشجار الغضا.