محمد عبد الرزاق القشعمي
عرفت الأستاذ عدنان السيد محمد محفوظ العوامي قبل أربعين عاماً، عندما حضر حفل جائزة الدولة التقديرية في الأدب الأول بالرياض عام 1403هـ 1983م، وتكرر اللقاء في المناسبات الثقافية والمهرجانات في الرياض والدمام والقطيف.
بعد انتقال عملي لمكتبة الملك فهد الوطنية ازدادت لقاءاتي به، وسجلت معه ضمن برنامج التاريخ الشفهي للمملكة في 14-1-1429هـ 2006م.
عرفته وعرفته فيه الصدق والوضوح والود والتقدير للجميع، إذ كان ممن يحضر مهرجان الجنادرية (المهرجان الوطني للتراث والثقافة) بالرياض سنوياً، وكان مع بعض أبناء القطيف يحرصون على زيارة الأستاذ عبدالكريم الجهيمان -رحمه الله- في منزله فهم يحتفظون له بالود والوفاء، ويذكرون له دوره الريادي في العمل الصحفي بالمنطقة الشرقية.
عرفت منه أنه لم يدخل المدرسة إلا متأخراً إذ كان يساعد والده بالفلاحة، وكان عمه السيد حسن يعمل في سكة الحديد بالدمام ويحضر معه للقطيف دفاتر لطلاب المدرسة الباكستانية، فوجد منها كتاب للمبتدئين فأصبح يقلد ما هو مكتوب دون أن يفهم معناه، وإذا هي باللغة الأوردية، ومعروف أنها تكتب بالحروف العربية.
أجاد الكتابة والقراءة فيما بعد، فذهب مع عمه الآخر السيد علي الذي يعمل بشركة الزيت العربية الأمريكية (أرامكو) في الظهران للعلاج من مرض (التراخوما) في مستشفى الشركة، فكان أثناء انشغال عمه بالعمل يذهب إلى (الحي السعودي)، وهو سوق شعبي تباع فيه الكتب، فاشترى بعض القصص الشعبية، ومنها ألف ليلة وليلة، والزير سالم، ومجنون ليلى، وغيرها، فكانت أولى قراءاته.
عمل في مستودع المالية بالقطيف، وكان يعمل معه مجموعة من الشباب المثقف من آل فارس مولعين بالقراءة، فتعرف من خلالهم على مؤلفات العقاد وطه حسين وعائشة عبدالرحمن وجرجي زيدان، فاستهوته مجاراتهم في اقتناء مثل هذه الكتب ومطالعتها.
انتقل عمله بعد ذلك إلى مديرية خفر السواحل بوظيفة (كاتب)، وقد اشترطوا عليه الحصول على الشهادة الابتدائية، فتقدم للحصول عليها عن طريق المنازل، وحصل عليها عام 1383هـ 1963م.
انتقل بعدها إلى العمل ببلدية القطيف بوظيفة كاتب حسابات، ثم مساعد رئيس بلدية، وكان وقتها يكتب مقالات في اليمامة والرياض واليوم، ومنها مقالات ينتقد فيها البلدية باسم مستعار (حسن مهدي عبدالرحيم).
شارك في مهرجان الشعر الأول لدول مجلس التعاون الخليجي، كما شارك في بعض البرامج بالإذاعة والتلفزيون، وقبلها كان يعمل في (اللجنة الأهلية بمركز الخدمة الاجتماعية) وانتخب نائباً لرئيس اللجنة، وهي معنية بتنظيم معرض الكتاب السنوي بالقطيف.
نشر ديوانه الأول (شاطئ اليباب) عام 1412هـ.
انشغل بعدها بإدارة مجلة (الواحة) لأكثر من 26 سنة، وكان مهتماً بالبحوث الثقافية وبالأخص التاريخية منها، إذ كان يتتبع رحلات المستشرقين للجزيرة العربية، مثل بالجريف، وسادلير وغيرهم، وكان ينتقد أعمالهم وما ينشرونه من معلومات خاطئة عن المواقع والمدن، وقال إنهم اكتفوا بالسماع والنقل ولم يصلوا إلى تلك المواقع.
اهتم بعدها بالعمل على تحقيق أعمال بعض الرواد، ونشرها بصمت وبلا ادعاء أو غرور أو إعجاب بالنفس، فقد حقق ونشر أعمال كثيرة أذكر منها:
* تحقيق ديوان أبي البحر جعفر الخطي، صدر عن دار الانتشار بيروت 2005م.
* جمع وإعداد (ذكرى مؤرخ وشاعر) لمحمد سعيد المسلم، مطابع الرضاء، الدمام.
* جمع وإعداد (بقايا الرماد) ديوان شعر لعبدالوهاب حسن المهدي، مطابع الرضاء، الدمام.
* جمع وإعداد (زعيم في ذاكرة الوطن) ذكرى وفاة حسن علي أبو السعود، دار الانتشار 2010م.
* جمع وإعداد الأعمال الشعرية الكاملة لعبدالله الجشي، الناشر عبدالمقصود خوجة، جدة.
* جمع وإعداد (عنوان الحب) ديوان محمد رضي الشامسي، دار الانتشار، بيروت.
* جمع وإعداد (شماطيط في اللغة والأدب) محمد رضي الشامسي.
* جمع وإعداد (جهاد قلم) سيد علي باقر العوامي.
* جمع وإعداد الأعمال الأدبية الكاملة لعلي بن حسن أبو السعود.
* جمع وإعداد كتاب (رجال عاصرتهم) للسيد علي العوامي، مجلة الواحة 2012م.
شاركته في لقاءات ثقافية مختلفة، أذكر منها:
* المشاركة في تأبين الشاعرين عبدالرحمن المنصور وعبدالله الجشي بمركز حمد الجاسر الثقافي بالرياض.
* المشاركة في ندوة عن الصحافة السعودية المبكرة، وأدار اللقاء الأستاذ خليل الفزيع بنادي الأحساء الثقافي.
* المشاركة في تأبين الأستاذ عبدالكريم الجهيمان في مركز حمد الحاسر الثقافي بالرياض.
* المشاركة في ندوة بوخمسين بالمبرز بالأحساء عن سلمان الصفواني وأبو السعود، بإدارة عبدالله العبدالمحسن.
* حضور الملتقى الثقافي الرابع لمركز صالح بن صالح الثقافي بعنيزة.
كل هذه الأعمال وغيرها يعمل بها بصمت وبلا ادعاء.
وقد ساهم مشكوراً في تنظيم وتنسيق وإخراج بعض ما صدر لي بطلب منه أذكر منها:
* بوادر المجتمع المدني بالمملكة.
* وكلاء الملك عبدالعزيز وممثلوه بالخارج.
* عبدالله الطريقي مؤسس الأوبك والممهد لسعودة أرامكو.
والآن هو يعمل على إخراج وإعداد كتاب يجمع فيه بعض المقالات التي كتبت أثناء بقائي بالمستشفى قبل سنوات.
إضافة إلى ما يتحلى به من أخلاق فاضلة وعلاقات واسعة، نجده لا يعيقه بعد المسافة فهو بمراجعته المستشفيات بالرياض له ولأولاده، فهو يحضر إما بالطائرة أو بالسيارة، أو حضور المناسبات الثقافية المختلفة.
عندما كرمه عبدالمقصود خوجة في (الاثنينية) بجدة في 7-3-1428هـ 26-3-2007م تحدث عنه عدد من الأدباء، سأكتفي ببعض ما قاله أحدهم وهو الدكتور عبدالمحسن القحطاني رئيس النادي الأدبي بجدة وقتها: «... هذه العصامية التي جعلته يفك الحرف العربي بلغة غير عربية حتى أدركها، أتعرفون متى حصل على العربية، لقد تحصل عليها بعد أن بلغ سبعة وعشرين عاماً لأنه لا يفكر في المؤهل، وإنما يفكر في تزكية النفس وفي التجربة، هذا هو جيلنا جميعاً وليس جيل العوامي وحده، وإنما هو جيل انتشر في أصقاع المملكة العربية السعودية، اشتغل حمالاً وما خجل من ذلك، واشتغل كاتباً، ولعل من جرأته قال: وتحول إلى الشعر وهو ليس تحولاً، وإنما دعاه داعي الشعر لأن في داخله هذه العصامية..».
واختتم مداخلته ببيتين من شعر العوامي الذي أعجب غازي القصيبي فكتب عنه مقترحاً تسمية القصيدة (خلخال الحبيبة) أو (نفنوف الحبيبة).
وأجدل الرمل خلخالاً لصاحبتي
أضمه ذهباً أصطاده حببا
ألف منه سواراً حول معصمها
أرش منه على نفنوفها قصبا
رافقته عند تكريمه بوزارة الثقافة والإعلام قبل سنوات بمناسبة اليوم الوطني للمملكة بحضور الدكتور ناصر الحجيلان وكيل الوزارة.
تحية تقدير وإعجاب وعرفان لأبي أحمد -زاده الله ووفقه إلى مزيد النجاح-.