كثيرة هي الجوانب التي يمكنك الحديث عنها عندما يتعلق الأمر بشاعر كبير كالشاعر السيد عدنان العوامي. فعلاوة على كونه شاعرا متميزا فهو أيضا كاتب ومحقق من الطراز الأول وإداري ناجح. ولذلك فإن من يكتب حوله لن يجد شحا في أي جانب يريد الكتابة عنه.
وعندما تجالس هذا الشاعر تشعر على الفور بأنك تجالس شاعرا من الرعيل الأول للشعراء والكتاب العرب بما يتميز به من عمق كبير وأصالة تضرب بأطنابها في أعماق التاريخ . فهذا الرجل الذي جاوز الثمانين وشق عباب الحياة معتمدا على عصاميته في التعلم وفي كسب القوت ولم يكن يفوت فرصة لكسب المعرفة، يصر دائما على التمسك بأهداب اللغة العربية ولا يقبل عنها حيادا. وعندما يتعلق الأمر ببحث يمر عليه لكي يقوم بإجازته أو تصحيحه فإنه لا يقبل بغير المستوى المناسب والتوثيق العلمي. كما تميز شاعرنا بقدراته الإدارية حيث استلم إدارة المحاسبة ثم رئاسة إحدى بلديات القطيف.
كنت معجبا به من بعيد لكنني عندما اقتربت منه بحكم وجودي معه في مجلس إدارة مجلة الواحة زاد إعجابي به لما رأيته فيه من تفان في العمل ودقة في تنفيذه مع عدم القبول بالمواد الركيكة أو أنصاف الحلول.
وعندما كنت ألاحظ إتقانه في تنفيذ بعض المهام المرتبطة بالجوانب التكنولوجية كالكمبيوتر والجوال والتي كان يقوم بها كنت أتوقع أن بعض أبناءه يساعدونه فيها كونها أمورا مستجدة عليه وتحتاج إلى كثير من الجهد لتعلمها قد تصعب على بعض كبار السن ، إلا أنني تأكدت بعدها بأنه يعرفها بل ويجيدها ويجادلني في بعضها رغم تخصصي في مجال الحاسب والإنترنت مثل استخدامه لبرامج تنسيق النصوص وبرامج التصفح وغيرهما . كما لاحظت قدرته الكبيرة على استخدام أدوات البحث في الإنترنت في كتاباته وكذلك لاكتشاف بعض السرقات الأدبية والتي قام بها بعض الكتاب وذلك قبل نشرها.
ومما أثار إعجابي في شخصية الشاعر العوامي بساطته في ملبسه في زمن يتم التباهي فيه بالملبس والمسكن وغيرهما ربما للتعويض عن نقص يعاني منه البعض.
وإضافة إلى الشعر ( حيث أصدر ديوانه شاطئ اليباب ) فقد كتب شاعرنا الكبير تحقيقات مطولة حول عدة موضوعات منها سلسلة دراسات حول الصهيونية مثلا وحول تاريخ المنطقة الشرقية وبعض الشخصيات المغمورة أو التي كتب عنها قليلا. وغالبا ما يبتعد كاتبنا الكبير عن الموضوعات التي تكثر الكتابة عنها ويحاول البحث في تلك التي يتجنبها الباحثون إما لصعوبتها أو لندرة مصادرها. وربما يمكن اعتبار بحثه عن الشاعر أبو البحر الخطي الذي صدر في مجلدين أهم إصداراته والذي عمل عليه لعدة سنوات قبل أن يخرج بصورته البهية.
** **
- يوسف أحمد الحسن