الإرادة مركب يدفعه الصبر والجلد نحو تحقيق الآمال والمنى، وفي الحياة نماذج بشرية كثيرة، منهم من كان اليسر ركابه، ومنهم من ولد في بيئة العسر فلا ركاب له غير الأسنة فاتخذها مركباً، وكل منهم واجه سباق الحياة بما أوتي من قوة أو ضعف أحالته الإرادة والعزيمة إلى المشاركة في جوائز السباق أو كسبه. وهم أولئك الذين صنعوا من العسر يسراً، بما وهبهم الله من يقين بأن العمل طريق النجاح.. وبما أدركوا من قول الشاعر:
لاستسهلن الصعب أو أدرك المنى
فما انقادت الآمال إلا لصابر
وفي هدوء الواثق بما أودع الله النفس البشرية من إرادة لمن يحسن توظيفها كان السيد عدنان العوامي أحد أولئك الرواد الذين صنعوا لأنفسهم إرثهم العلمي. كما تميز شاعرنا بقدراته الإدارية، حيث استلم إدارة المحاسبة، ثم رئاسة إحدى بلديات القطيف.
كنت معجباً به من بعيد لكنني عندما اقتربت منه بحكم وجودي معه في مجلس إدارة مجلة الواحة زاد إعجابي به لما رأيته فيه من تفان في العمل ودقة في تنفيذه مع عدم القبول بالمواد الركيكة أو أنصاف الحلول.
وعندما كنت ألاحظ إتقانه في تنفيذ بعض المهام المرتبطة بالجوانب التكنولوجية كالكمبيوتر والجوال، والتي كان يقوم بها كنت أتوقع أن بعض أبنائه يساعدونه فيها كونها أموراً مستجدة عليه وتحتاج إلى كثير من الجهد لتعلمها قد تصعب على بعض كبار السن، إلا أنني تأكدت بعدها بأنه يعرفها بل ويجيدها ويجادلني في بعضها رغم تخصصي في مجال الحاسب والإنترنت مثل استخدامه لبرامج تنسيق النصوص وبرامج التصفح وغيرهما. كما لاحظت قدرته الكبيرة على استخدام أدوات البحث في الإنترنت في كتاباته وكذلك لاكتشاف بعض السرقات الأدبية والتي قام بها بعض الكتاب وذلك قبل نشرها.
ومما أثار إعجابي في شخصية الشاعر العوامي بساطته في ملبسه في زمن يتم التباهي فيه بالملبس والمسكن وغيرهما ربما للتعويض عن نقص يعاني منه البعض.
وإضافة إلى الشعر (حيث أصدر ديوانه شاطئ اليباب) فقد كتب شاعرنا الكبير تحقيقات مطولة حول عدة موضوعات منها سلسلة دراسات حول الصهيونية مثلاً وحول تاريخ المنطقة الشرقية وبعض الشخصيات المغمورة أو التي كتب عنها قليلاً. وغالباً ما يبتعد كاتبنا الكبير عن الموضوعات التي تكثر الكتابة عنها ويحاول البحث في تلك التي يتجنبها الباحثون إما لصعوبتها أو لندرة مصادرها. وربما يمكن اعتبار بحثه عن الشاعر أبو البحر الخطي الذي صدر في مجلدين أهم إصداراته، والذي عمل عليه لعدة سنوات قبل أن يخرج بصورته البهية.
** **
- عبدالرحيم الأحمدي