إلى أستاذنا الشاعر الكبير السيد عدنان العوامي
يُمناكَ أمْ آيةٌ في سورة (القلمِ)؟!
موصولةٌ بيمينِ اللهِ في (القَسَمِ)!
ما خانتِ الذِّمَّةَ الكبرى، ولا نَحَرَتْ
عهدَ الألوهةِ قرباناً إلى صَنَمِ
خُذني إلى العهدِ.. أَشعِلْني بمِجمَرِهِ
كما اشتعلتَ وفاءً عاطِرَ الذِّمَمِ
ما زلتُ أبحثُ عن إكسيرِ موهبةٍ
عُلْيَا، تُوَحِّدُ ما بيني وبين دمي
حسبي من الشعرِ أن يختطَّ من جسدي
قصيدةً غيرَ ذاتِ الشحمِ والوَرَمِ
* * *
يا صاحبي في نشيدِ الموتِ.. لا صَدِئَتْ
أسنانُك البيضُ من إشراقِها بِفَمي
ها نحنُ جارانِ في قبرينِ، يؤنسُنا
خيرُ الجوارِ.. جوارِ الأعظمِ الرِّمَمِ!
نمتدُّ صرخةَ آلامٍ مُخَدَّرَةٍ
بجُرعةِ الصبرِ من قارورةِ الحِكَمِ
ما زالتِ الأرضُ تستصفي جوانحَنا
عبر العذابِ بِمِصْفَاةٍ من الحُلُمِ
يُغري بنا الشعرُ زَعْماً أنَّ شِقوَتَنا
وَرْدِيَّةٌ، ومآسِينَا من النِّعَمِ
كم في الحقيقةِ من ثُقْبٍ نُرَقِّعُهُ
بما تَحوكُ يَدُ الفُصحى من الوَهَمِ!
فالعُمْرُ محضُ مجازاتٍ تُخَفِّفُنَا
في السَّيْرِ من ثِقَلِ الأقدارِ والقِسَمِ
تيهاً نسافرُ في المأساةِ، نحسبُها
تُفضِي إلى غيرِ ما نَجْتَرُّ من أَلَمِ!
كانَتْ لَدَيْناَ من الإيمانِ عاصفةٌ
تَكفي لأَنْ نَهْزِمَ الكابوسَ بالحُلُمِ
حَتَّى قَنِعْنَا بما قالَ الوجودُ لنا:
لا شيءَ أجملُ في الدنيا من العَدَمِ!
* * *
يا واقفاً في مهبِّ الوَرْدِ مُحْتَشِدًا
فِي جُبَّة الشمسِ.. في إِكليلِها السنِمِ
تَحَرَّشَتْ بكَ في البستانِ زنبقةٌ
ملغومةٌ بأريجٍ هائجٍ عَرِمِ
فاهتزَّ داخلَكَ القِدِّيسُ منتفضًا
عن حِكمَةِ السفحِ.. عن تسبيحةِ القِمَمِ
وارتدَّتِ الوردةُ العذراءُ خائبةً
تبكي على عطرِها المدفونِ في النَّدَمِ
ما كانَ ضرَّكَ لو أسندتَ شهوتَها
على ذراعٍ من الأشواقِ، مُضْطَرِمِ!
سلِ الفراشةَ: هل حَطَّ المطافُ بها
على رحيقٍ معَ الأزهارِ مُخْتَصِمِ؟!
من أَجْلِنَا فرشَ البستانُ خُضْرَتَهُ
ثُمَّ اصطفانا عناقيدًا من الشِّيَمِ
تَجَمْهَرَتْ حولَنا الألوانُ في أُفُقٍ
ذاكٍ برائحةِ الإغراءِ، مُحْتَدِمِ
قُمْ نسبقِ الوقتَ فِي معراجِ نَشْوَتِنا
من قبل أنْ تسقطَ الأعمارُ في الهَرَمِ
لنا على الأرضِ قِسطٌ من مباهِجِهَا
ما زالَ فِي قبضةِ الحرمانِ والسَّأَمِ
كَمْ للغوايةِ من حَمْلٍ نُحِسُّ بهِ
ينمو، وتسرقُهُ التقوى من الرَّحِمِ!
ما زالَ يفضحُنا الإحساسُ مُزدَهِيًا
في لؤلؤِ البوحِ.. فِي ياقوتةِ الكَلِمِ
شَفَّ البيانُ فحَجَّبْنَا فضائحَنا
بالتورياتِ، وصِرنَا قِبلَةَ التُّهَمِ
هل ذاكرٌ يومَ أبْرَمْنَا مواثقَنا
مع الحياةِ، على كُرَّاسَةِ القِدَمِ
أختامُنا لم تَخُنْ يومًا محابرَها
إذْ لم تزلْ غَضَّةً في دفتر الأُمَمِ
كُنَّا نخاصرُ دنيانَا على وَتَرٍ
ما انفَكَّ يرقصُ فِي عُرسٍ من الحِمَمِ
دُرنا على نارِنا الأُولَى بـأغنيةٍ
ممشوقةِ الخصرِ تحيا رقصةَ الضَّرَمِ
سلِ الحياةَ التي شَحَّتْ بـحِصَّتِنا
منها: هلِ اسْتَشْعَرَتْ مِنَّا سِوى الكَرَمِ؟
هذي رسالتُنا تَنْشَقُّ عن قَمَرٍ
نشوانَ في عتمةِ الغيماتِ، مُبْتَسِمِ
بئسَ الرسالةُ سَوْطاً من مكابرةٍ
بهِ نهشُّ على الأحلامِ كالغَنَمِ!
** **
- جاسم الصحيح