عثمان بن حمد أباالخيل
ملايين المسرحيات تعرض في كل لحظة على كوكب الكرة الأرضية وبجميع لغاته ولهجاته بكل قاراته من مسرحيات كوميدية وتراجيدية تحمل كماً هائلاً من المشاعر السلبية والحزن. على خشبة المسرح يقف الممثلون والممثلات وهم لا يحفظون أية نصوص فهي ليست مكتوبة لكنها نصوص واقعية تتحدث وتنقل الواقع الذي يعيشه الإنسان، المسرح ظل ملازمًا للإنسان وسيبقى كذلك مجسدًا للأوضاع الاجتماعية. قال الأديب والكاتب المسرحي وليم شكسبير «الدنيا مسرح كبير، وكل الرجال والنساء ما هم إلا ممثلون على هذا المسرح». ملايين المسرحيات نحن أبطالها تنتهي فصول كل مسرحية حين تنتهي المصلحة الشخصية، في الكواليس هناك من يصفقون ويفرحون أثناء وبعد انتهاء المسرحية لتبدأ مسرحية أخرى وهكذا.
المسرحية الجميلة، المسرحية التي تخل القلب هي المسرحية التي بطلتها الأم، الأم مهما وأينما كانت في أرجاء الكرة الأرضية هي المسرحية الوحيدة التي نصها وحركاتها وسكناتها نابعة من أعماق القلب. أما المسرحية التي أبطالها يرتدون الأقنعة ويمثلون أدوارًا متعددة فهي مسرحية تنتهي مع نهاية الهدف منها إما بمصلحة شخصية أو جسر لعبور النهر. المسرحيات لها ألوان كثيرة منها ألوان جميلة وأخرى مخيفة، المسرح يجسد الواقع بصوره المتعددة، ويتوصل إلى حلول لمشاكل المجتمع الإنسانية والوصول إلى القيم الإنسانية كما يحبها ويعشقها الكثيرون لكنهم يمثلون ويتقمصون أدوارًا ليست أدوارهم. مسرحيات الحياة أبدًا لا تحتاج إلى مخرج ومصورين وليس هناك صعوبات فكل إنسان يعرف كيف يقف على خشبة المسرح ويقوم بالدور المناسب له (من غرابة التبسيط أنني أحيانًا أتعرَّض للظلم والخداع فأضحك ممَّن يظنُّ أنَّني لا أعرف أنَّني ظُلِمْتُ وخُدِعْت) جبران خليل جبران
للإنسان وجهان، وجه محبوب ووجه أو وجوه مُقنَّعة، وكما هو الحال هناك للإنسان لسان رائع من الفصاحة والبلاغة، وهناك ألسن كحد السيف، يتبادر لذهني سؤال طالما تحاشيت وكرهت طرحه، لكن قناعتي الشخصية جعلتني أتجرأ وأطرحه، السؤال ببساطة هو: هل صحيح أن الإنسان يعيش بوجوه مختلفة؟ ليس لدي شك مطلقاً فالوجوه لونها وشكلها تتماشى مع الظروف التي تعرض فيها المسرحية. هل يحق لي أن أقول الوجوه المزيفة تشبه الأقنعة التي يلبسها الإنسان حين يتعامل مع الآخرين؟ أو يشبه ماكياج المرأة الذي تضعه على وجهها حسب المناسبة ولتغطي بشاعتها أو تشوه جمالها؟ أشعر بخيبة وضجر حين أرى إنسانًا بوجوه مختلفة وحين تصارحه وتنصحه يكون رده وبكل بساطة: لا أستطيع أن أنجز عملي دونما الوجوه المختلفة.
الستارة لن تسدل والمسرحيات لن تتوقف من عرضها ليل ونهار ما دامت القلوب بعيدة عن بعضها البعض وما دام الحسد يعشش في الصدور، الحياة ليست كما نتمنى دائمًا، فهناك صدمات وهناك مصدومون، وهناك صادمون من البشر. الحياة ليست كلها رخاء ومسرات وفرحًا، هناك الألم والحزن. صدمة مؤلمة تأخذك في أعماق الحزن. من أقوالي: (الأم هي البطلة الوحيدة على خشبة المسرح التي تقوم بأدوارها دون أقنعة).