ملاك التويجري
إن الجرائم المالية مثل غسل الأموال وتمويل الإرهاب والاحتيال ليست مجرد جريمة منظمة عابرة للحدود قد لا يهمك أمرها لكونك لستَ مجرمًا أو أحد ضباط الشرطة، لكن مثل هذه الجرائم لها جوانب سلبية قد يطلك أثرها، إذ لا يقتصر الضرر من هذه الجرائم على الحكومة أو المؤسسات المالية، بل قد يمسك ضررها وأنت لا تعلم، فانتشار المخدرات أو الأسلحة، على سبيل المثال، يرجع لازدهار عمل العصابات غير القانوني، حيث تمكّنوا بطريقة ما من بيع ما لديهم من بضاعة وكسب المال وغسله بطرق ملتوية لإضفاء الشرعية عليه، وهذا سيدفعهم نحو إجراء مزيد من عمليات البيع وكسب إرادات أعلى لتمويل أنشطتهم بشكل موسع.
وهذا يؤثّر عليك شخصيًا من خلال ازدياد معدل الجريمة والعنف وانتشار الأسلحة والمخدرات مما يؤدي إلى انعدام الأمان في المجتمع. وغسل الأموال، كمثال آخر، دائمًا ما يكون نتاج جريمة أخرى مثل إساءة استخدام السلطات الوظيفية والتي تدر على الموظف مبالغ طائلة لا يستطيع إيداعها ببساطة في البنك فيلجأ لطرق أخرى منها تهريب المال إلى الخارج وتدويره وإرجاعه مرة أخرى إلى الدولة، بحيث يتمكَّن من إنفاقه بكل أريحية، وهذا يؤثِّر عليك من خلال ارتفاع الأسعار، إذ سيعتقد التجار عندما يرون ذلك المجرم وآخرون مثله وهم ينفقون بحرية أن جميع الأشخاص مثلهم مقتدرون من الناحية المالية.
بخلاف تهريب الأموال إلى الخارج، بإمكانهم أيضًا إنشاء شركات وهمية محلية كواجهة للأعمال غير القانونية يتم من خلالها غسل العوائد غير المشروعة، حيث يقومون بالبيع بأسعار زهيدة لأنه في الواقع لا يهمهم الربح، إذ جل اهتمامهم هو إيداع أموالهم غير الشرعية في شكل أرباح حققتها الشركة، وهذا يؤثِّر عليك كصاحب عمل تجاري قانوني وقد يؤدي إلى فشل أو إفلاس عملك لعدم قدرتك على المنافسة مع الأسعار التي يقدمونها.
وفي مقدمة الجهود المبذولة لمكافحة الجرائم المالية والفساد جهود سمو سيدي ولي العهد -حفظه الله-، الذي أكد أن النزاهة والشفافية هي أحد الأركان المهمة للنهوض بالدولة وازدهار المجتمع. ورؤية القضايا التي تباشرها هيئة الفساد تبعث الطمأنينة في المجتمع وتبث الخوف في المجرمين، فإعلانهم في وسائل الإعلام عن مثل هذه القضايا والعقوبات التي تصدر بحقهم بمثابة رادع للمجرمين ومن تسوِّل له نفسه ارتكاب مثل هذه الجرائم، حيث ستكون جهات إنفاذ القانون لهم بالمرصاد.