منال الحصيني
من الصعب سن قوانين للسعادة لأنه أمر معقد للغاية نظرا لأن الرفاهية الذاتية تتأثر بعوامل كثيرة ومعقدة، «الرفاهية الذاتيه»!
هي مفهوم يطلقه علماء النفس على الكيفية التي ينظر بها الناس إلى مدى سعادتهم. فكيف حالها لديكم؟.
«المال يجلب السعادة» مقولة نرددها كثيراً، على الرغم من انهما منفصلان عن بعضهما ولا يؤثر أحدهما على الآخر، إلا أن الدراسات كشفت أنه يمكن للمال ان يجلب السعادة ويزيدها، لكن ضمن شروط معينة أهمها تغيير بعض من عاداتنا الاستهلاكية وإضفاء تحسينات على نمط حياتنا بشكل عام واستدعاء العقل بالاهتمام بالتفاصيل الصغيرة وعلى رأس هذه العادات إدخال التغييرات الاستهلاكية هي تعتبر طريقة إنفاق الأموال «التافهة والمدفوعة» في أشياء ليست ضرورية، بدافع الاستهلاك وحب الشراء.
دعوني أخبركم أمراً..
قبل ما يقارب الثمانية أعوام كنت أقيم في كوريا، ادهشني حسن تدبير الأطفال للأموال واهتمامهم بهذا المبدأ، قطعاً لم يكن ذلك إلا بمجهود مجتمعي، فكل طفل غالبا ما يكون لديه ما يسمى «التقويم الكوري» هو أشبه ما يكون بلوح ذي جيوب متدلية تحت كل تاريخ من تواريخ الشهر يضع فيه الصغار ما تبقى من مصروفهم اليومي.
ما كنت لِأعرفه إلا حينما استأذنتني معلمة أبنائي بزيارة المنزل لمعرفة مستوى معيشة الطلاب وظروفهم الأسرية عن قرب وهل هي بيئة مناسبة لهم، وأن ذلك إجراء معتاد يُطبق على جميع طبقات المجتمع فلا داعي للقلق.
استقبلتها مع أبنائي مساء ذلك اليوم أخذت بالتحدث معنا وقامت بجولة في المنزل، كانت تحمل ظرفا كبيراً أخرجت منه تلك التقاويم ألصقتها داخل خزانة كل من ابنائي وطلبت منهم إخبارها عن ما سيدخرانه آخر ذلك الشهر.
اندهشت من ذلك اخذت اقرأ عن ذلك التقويم فوجدته مأخوذاً من نظرية «الكاكيبو» اليابانية في كيفية ادخار الأموال. ما لاح في ذهني حينها هو كيف لبلد يكره الآخر ودارت بينهما حرب ضروس استمرت ازمانا ودهورا أن تجلب منها اجمل ما في ثقافتها... ألا ليت قومي يعلمون.
دعوني أطرح بعض الأسئلة التي ربما تطرحها أنت على نفسك ما هي كمية المال التي بحوزتنا؟ وكم نريد أن ندخر منها؟ وكم ننفق؟ وكيف يمكننا تحسين تدبير مصروفاتنا؟ وما هي أكثر الأشياء التي ننفق عليها؟
إن كنت ممن يفكر بهذا الشكل فأنت ستطبق نظرية «الكاكيتو» التي تستلهِم فكرة مواجهة الذات قبل بداية الشهر، بحيث تكون أكثر عرضة لمُساءلة نفسك حول الإنفاق الخاص بك، ومتى سيكون عليك أن تخفض النفقات أو ترفعها، حينها ستتمكن من توفير 35 في المائة من دخلك الشهري.
باختصار شديد هذا ما قدمه (الأب المنسي للاقتصاد) ابن خلدون في نظرية «قانون العرض والطلب ونظرية الأسعار» في كتابه «المقدمه» قبل ما يقارب الستة قرون.
لكن ما يؤسف اننا نعيش بما يسمى « التأثير الانعكاسي» الذي يقودنا للميل إلى تقليد الآخرين مما يسبب الضرر، فنسْخ أفكار وتصرفات الآخرين تصرف غير مقبول على الإطلاق، فما يملكه غيري لا أملكه أنا والعكس.
فما يجهله بتوع (الموهيتو) أن قطرة على قطرة تصبح غديراً، فمتى سيبدأ (الكاكيبو)؟.