خالد بن حمد المالك
إن أي حديث عن استقرار السوق البترولية، أو أي معالجة لتقلباته سعراً وإنتاجاً، لا يمكن أن يتم دون صوت المملكة، أو من غير موقف المملكة ورأيها، فالمملكة وعلى امتداد التاريخ كانت تؤكد دائماً على أن استقرار السوق النفطية وتوازنها هو من ركائز استراتيجيتها للطاقة -وكما تحدث الملك في مجلس الشورى- معللاً ذلك بإيمان المملكة بأن البترول عنصر مهم لدعم نمو الاقتصاد العالمي، وحرصها على استمرار العمل باتفاق «أوبك بلس» لدوره الجوهري في استقرار أسواق البترول، كما تؤكد المملكة -يقول الملك- على أهمية التزام جميع الدول المشاركة بالاتفاق.
* *
وما دامت قراءتنا عن محور البترول في خطاب الملك، فلابد من الإشارة إلى أن الأحداث أثبتت بعد نظر قيادة المملكة، ونجاح سياستها البترولية، التي تتمثل في تطويرها المستمر لقدراتها الإنتاجية، واحتفاظها الدائم بطاقة إنتاجية إضافية أظهرت أهميتها للحفاظ على أمن إمدادات الطاقة، كما جاءت بتفاصيل أكثر في خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.
* *
تضمن خطاب الملك سلمان -ضمن ما تضمنه- كلاماً مهماً عن المناخ، والتزام المملكة بمواجهة التحديات المتزايدة للتغير المناخي بمبادرتي (السعودية الخضراء) و(الشرق الأوسط الأخضر)، ضمن اهتمامها بحماية البيئة، وتخفيض انبعاث الكربون، وتعزيز الصحة العامة، وجودة الحياة، وتحسين كفاءة إنتاج النفط، ورفع معدلات الطاقة المتجددة، وتحقيق التنمية المستدامة، وهو ما يُظهر اهتمام المملكة، وجعلها جزءاً فاعلاً ومهماً في الإسهام بمعالجة التغير المناخي، وحماية سكان العالم من هذا الخطر المحدق.
* *
وعن أسلحة الدمار الشامل وأضرارها الواسعة على البيئة، وبحكم ما تتمتع به المملكة من ثقل إقليمي ودولي، ينبع من ريادتها العالمية، ودورها المحوري في السياسة الدولية، والتزامها بالمواقف الراسخة نحو إحلال الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة والعالم، فإن المملكة -كما يقول الملك- تؤكد على موقفها الثابت تجاه ضرورة جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، كما أنها تدعم التعاون لحظرها، ومنع انتشارها، وإدانة استخدامها.
* *
وحول جهود المملكة في الحفاظ على كيان مجلس التعاون لدول الخليج العربية، تحدث الملك عن هذا الدور من خلال دعوته لعقد «قمة العلا» وتأكيده على أن انعقاد هذه القمة بالمملكة نابع من حرصه الشديد على الحفاظ على تماسك المنظومة الخليجية، وقد نجحت هذه الجهود بصدور «بيان العلا» وعودة العمل المشترك إلى مساره الطبيعي، وتعزيز أواصر الود والتآخي بين شعوب المنطقة، وأن ما تم إنما يعكس قناعة الملك الراسخة بأهمية تعزيز وحدة الصف الخليجي، والسعي الحثيث من أجل استمرار المسيرة الخليجية للتكامل، والعمل الخليجي المشترك.
* *
وكعادة الملك سلمان في كل خطبه وكلماته وتصريحاته، فقد كانت القضية الفلسطينية حاضرة في خطابه السنوي، فهي كما يقول: كانت ولا تزال هي قضية العرب والمسلمين المحورية، وتأتي على رأس أولويات سياسة المملكة الخارجية لاستعادة الحقوق المشروعة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على الأراضي الفلسطينية بحدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، وهذا أبلغ رد على المتاجرين بهذه القضية من فلسطينيين وعرب الذين لا يتوانون عن اتهام المملكة، بما لا يتوافق مع موقفها المشرف المعلن والواضح والداعم مالياً وسياسياً.
* *
إذاً نحن أمام خطاب تاريخي مهم، تناول فيه الملك سلمان كل ما يخطر في أذهان المواطنين السعوديين والعرب والعالم، وقد قمت بعرض سريع عنه في هذه الحلقة، والحلقتين السابقتين، ولكي تكتمل الصورة عن خطاب الملك بمحاوره ورؤاه، فسوف نستكمل في الحلقة الرابعة (الأخيرة) ما تبقى مما يُمكن أن يُعلق عليه، ضمن هذه القراءة السريعة للخطاب.
(يتبع)