عبدالعزيز بن محمد الفريان
حفز الطلب المتزايد على العلاج الكثير من دول العالم على ضخ استثمارات ضخمة في تأسيس وتطوير قطاع الرعاية الصحية، لخدمة مواطنيها أولاً واستقطاب الباحثين عن العلاج من كل دول العالم ثانياً، ونجحت هذه الدول في تحويل الرعاية الصحية إلى نشاط اقتصادي يرفد خزينتها العامة بموارد ضخمة، مع تزايد وازدهار هذا النشاط الاقتصادي، ظهرت مصطلحات كالسياحة العلاجية، الذي يجمع كما هو واضح من الاسم بين الاستشفاء والسياحة، فقد أصبحت الدول تبدع في تقديم كل ما يمكن أن يلفت انتباه واهتمام الباحثين عن العلاج من إمكانيات وميزات تفضيلية لتعزيز موقعها على قائمة الوجهات العلاجية المفضلة.
وقد بدأت المملكة مع عدد من الدول، تستقطب أعداداً كبيرة من طالبي العلاج ليس فقط من المحيط الشرق الأوسطي فحسب بل حتى من خارجه، وذلك بفضل التطور الكبير الذي حدث لمستوى الخدمات الطبية بشقيه العام والخاص، ضمن النهضة الشاملة التي تشهدها البلاد، إضافة إلى أن القطاع الصحي في المملكة يعتبر الأكبر حجماً بين جميع دول الشرق الأوسط بإنفاق يتجاوز الـ150 مليار ريال.
وتتجلى مظاهر تطور الرعاية الصحية في المملكة، بالتوسع في إنشاء المستشفيات وفق المعايير العالمية، وتزويدها بأحدث التقنيات والأجهزة الطبية التشخيصية والعلاجية، بالإضافة إلى توفر الكفاءات الطبية الوطنية، واستقطاب أبرز الكفاءات العالمية، في مختلف التخصصات، كما أن حكومة المملكة تعمل بقوة لتنشيط القطاع السياحي عمومًا، واتخذت الكثير من القرارات الداعمة لهذا الاتجاه، ولعل من أهم هذه الخطوات تسهيل الحصول على تأشيرة الدخول للبلاد، حيث يمكن الحصول عليها بيسر وسرعة عبر المنصة الإلكترونية أو ممثليات المملكة في الخارج.
كما أن السياحة العلاجية، وردت في إستراتيجية التنمية السياحية الوطنية المعتمدة من مجلس الوزراء، إضافة إلى أن رؤية المملكة 2030 التي اكتملت مرحلتها الأولى بنجاح مؤخراً، أولت السياحة بشكل مهم اهتماماً كبيراً في سعيها نحو تحقيق هدف تقليل الاعتماد على النفط وتنويع مصادر الدخل.
ولا شك أن هذه الإرادة السياسية الحكومية القوية، والقرارت الناتجة عنها، هيأت بيئة مثالية ومحفزة للقطاع الخاص للاستثمار في الرعاية الصحية رغم كلفته العالية، ففي مسار موازٍ يعمل القطاع الخاص بجد لخدمة الأهداف الوطنية، وقد استطاعت بالفعل استقطاب أعداد كبيرة من الباحثين عن العلاج لاسيما من دول الجوار الخليجي وخاصة في تخصصات مثل علاج العقم والمساعدة على الإنجاب، وعمليات المخ والأعصاب والعمود الفقري، وزراعة المفاصل. ويبدو أن فرص المضي قدماً في هذا الطريق واسعة، مع الثقة والسمعة الكبيرة التي اكتسبتها مستشفيات كمستشفيات مجموعة د. سليمان الحبيب الطبية، بنجاحاتها الطبية اللافتة، وبإمكانياتها الكبيرة والمتطورة، التي أهلتها لتكون أفضل مقدم رعاية صحية من القطاع الخاص في الشرق الأوسط، وفقاً لمجلة Forbes.
ومن الشواهد الإحصائية التي تؤكد القفزة الكبيرة في مستوى خدمات الرعاية الصحية في المملكة، انخفاض حالات العلاج بالخارج وسط المواطنين بنسبة «82%» خلال عام 2020، حيث تراجع عدد السعوديين الذي ذهبوا للخارج بحثاً عن العلاج إلى «488»، في مقابل «2842» في العام 2019، حسب تقرير إحصائي صدر مؤخراً عن وزارة الصحة.
إن إمكانيات ومقومات المملكة في هذا المجال كثيرة وكبيرة ويصعب حصرها، وهي كفيلة بوضع المملكة بين أوائل الوجهات السياحة العلاجية في العالم، لكننا نحتاج إلى إعلام يستطيع تعريف العالم من حولنا بالتطور الكبير الذي حدث للقطاع الطبي تحديداً، والإمكانيات السياحية الفريدة التي تتمتع بالمملكة.
** **
- المدير التنفيذي للشؤون الإعلامية بمجموعة د. سليمان الحبيب الطبية