د. عبدالعزيز بن عبداللطيف آل الشيخ
هذه العبارة «أنتم أبخص» دارجة على ألسنة الناس، وأخرى أبلغ منها: «الشيوخ أبخص»، والمقصود من هذه أن ولاة الأمر وأصحاب الصلاحيات يعلمون عن خفايا الأمور أكثر من سواهم، وقد ذكر الله في كتابه أنه كلما واجهت المجتمع إشكالية فليرجعوا إلى الكتاب والسنة عن طريق العلماء بدلاً من التخبط في أمور لا يدرك خفاياها إلا العالمون. فهذا القول يحسم جدلاً بين اثنين وتجد أن هذا القول ينهي الجدل بكل يسر وسهولة. وخلاف ذلك تترتب أضرار بالمجتمع ويكون نتيجة ذلك استفادة أعداء الأمة وإحداث البلبلة والفرقة بين الناس.
ولكن من جانب آخر نجد عضواً في لجنة علمية، مناقشة رسالة عليا، عندما يدلي بدلوه وقد جاء دوره في مناقشة الطالب أو الطالبة، وعند نقطة من النقاط يتدخل المشرف على الرسالة، ويتراجع المناقش عن وجهة نظره ويقول «أنتم أبخص» قاصداً بخطابه المشرف والطالب. وإذا كانت مقولة «الشيوخ أبخص» لها ما يبررها فإن الثانية الصادرة من عضو هيئة تدريس ليس لها مبرر، إذ لم لا يكون المناقش باخصاً في تخصصه وما له علاقة به.
ويترتب على ذلك وضع تخريج طلاب وطالبات الدراسات العليا، الماجستير والدكتوراه في عدد من جامعاتنا، في وضع لا نحسد عليه، هناك تساهل في منح الدرجات العليا، بدءاً بمرحلة المقررات وانتهاء بالامتحان الشامل ومن ثم إعداد الرسائل ومناقشتها، لا يتبع المناقشون صرامة في النقاش ولا يطلبون من الباحث اتباع صرامة علمية، واختيار المناقشين يتم عن طريق المشرف ويعتمد ذلك، في الغالب، على علاقة شخصية ولا يعتمد على الكفاءة في التخصص، فتأتي المناقشة سطحية وشكلية، وتنتهي المناقشة بمنح الدرجة شريطة عمل التصويبات اللغوية، ويتخرج العديد من الطلاب ويمنحون الشهادات العليا دونما تمحيص ودقة في الفحص، يتخرج العشرات ويزجون في سوق العمل الذي لا يستوعب إلا القليل منهم، فعلى الجامعات مراجعة مراحل الدراسات العليا وخطواتها لئلا نحصل على كم من الخريجين وقليل من النوعية، والله المستعان.