م. بدر بن ناصر الحمدان
أثناء حديث عابر مع أحد المسؤولين الذين توّلوا قيادة أحد القطاعات البلدية الإقليمية على هامش اجتماع عمل دوري، تناولنا فيه عدداً من المواضيع والقضايا التي تتعلق بإدارة المدن وتنميتها، لفت انتباهي قراءته المختلفة حول تحليل البيئة العمرانية التي تتولى بلديات المدن الثانوية (المتوسطة والصغيرة) إدارتها المكانية على وجه التحديد.
ربما عزّز هذه القراءة النوعية نظرته من شُرفة خارج الوسط البلدي، مما ساعد في تحليل الوضع الراهن من زوايا قد لا يقف فيها من هو مُنْتَمٍ للحياة البلدية بشكل متواصل، خاصة في تركيزه فقط على نطاق مسؤولياته عن بلديات المدن الثانوية ومحاولة الذهاب الى حلول مُمنهجة و»قابلة للتطبيق» لإحداث تطوير مباشر وواضح ومؤثر في عقلية إدارتها دون الذهاب لتبني أفكار حالمة قد لا تمكنه الموارد المتاحة - بمختلف أنواعها- من نقلها الى أرض الواقع، أو تبني تغيير في سياسات وإستراتيجيات تنموية خارج إطار نطاق عمله وهي في الأصل مسؤولية مستويات إدارية أخرى تضطلع بها ضمن منظومة عمل وطنية.
أنا شخصياً من أنصار هذه المدرسة الذكية في إدارة المدن، إذ إن التركيز على تلك الممكنات المتاحة والعمل على توظيفها وتعظيم عوائدها باستخدام أدوات تطوير بسيطة ومُيسّرة وذكية، وتمكين هذه البلديات المحلية للمحافظات والمراكز من تبني الأفكار الواقعية والتفاعل معها بهدف استثمار اقتصاداتها المتاحة، سيكون الأسلوب الأمثل لإحداث الفارق في زمن قياسي وبمنهجية عمل متدرجة تكفل ذلك التوازن بين الطموحات والممكنات، وتسهم في وضع تلك البلديات أمام إنجازات حقيقية في نهاية العام.
العقلية الجديدة في إدارة المدن تقول إن «الزمن» و«التركيز» هما عنصرا التنافسية في المستقبل، إذ لم يعد من الواجب إصلاح المدينة بأكملها حتى يمكن خلق عناصر جاذبة للتطوير، بل البدء بالتركيز على ما هو متاح من مقومات وعوامل نجاح - مهما كان حجمها - والعمل على تحويلها كنقطة انطلاق يشعر بها الناس، وما تبقى من مكونات المدينة سيأتي لاحقاً.
من المهم الإيمان بأنه لا يوجد مدن أفلاطونية مهما بُذل من جهد، وأن سكّان المدن قد تغيّروا ولم يعد بوسعهم الانتظار كما كان في السابق.