خالد بن حمد المالك
قال الملك سلمان ما يجب أن يقال، وتكلم بما ينبغي أن يتكلم عنه، وكان حديثه أمام مجلس الشورى حديث الملك الذي حرص على أن يُسمع صوته للداخل والخارج برؤى واضحة، تضع الأمور في نصابها الصحيح، وتشير إلى ما شغل بال الناس بآراء ومواقف سديدة، فهذا سلمان حين يتحدث، وهذه سياسة المملكة في التعامل مع القضايا التي لها نصيب كبير من اهتمام المملكة والعالم.
* *
في افتتاح الملك سلمان لأعمال السنة الثانية من الدورة الثامنة لمجلس الشورى، قال إن بدء المرحلة الثانية من رؤية المملكة 2030 يدفع عملية الإنجاز، ويواصل الإصلاحات، نحو ازدهار الوطن، وضمان مستقبل أبنائه، وليخلق اقتصاداً متيناً متنوعاً يواجه به المتغيرات العالمية، وأنه بارك إطلاق سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للعديد من المشاريع، ذات الرؤية المستقبلية التي تعمق أنظمتها: الاستدامة، والازدهار، والابتكار، وقيادة الأعمال.
* *
في الخطاب السنوي الملكي -وفي الشأن المحلي تحديداً- قال الملك سلمان عن رؤية المملكة بأنها انطلقت من أجل وطن مزدهر يتحقق فيه ضمان مستقبل أبنائنا وبناتنا، بتسخير منظومة متكاملة من البرامج، لرفع مستوى الخدمات من تعليم، وصحة، وإسكان، وبنية تحتية، وإيجاد مجالات وافرة من فرص العمل، وتنويع الاقتصاد ليتمتع بالصلابة والمتانة في مواجهة التغيرات عالمياً.
* *
يقول الملك: لقد عملت الحكومة على تطور الجهاز الإداري للدولة، بحيث شمل جميع المؤسسات، والخدمات، والسياسات، مما سوف يسهم في الارتقاء بالقدرات التنافسية للاقتصاد الوطني، والارتقاء بجودة الخدمات، ورفع كفاءاتها، ليكون التميز في الأداء هو أساس تقويم مستوى كفاءة الأجهزة العاملة في البلاد.
* *
ولم يخل الخطاب الملكي من إشارة إلى الاستراتيحية الوطنية للاستثمار التي أطلقها سمو ولي العهد، بوصفها أحد الروافد المهمة لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، موضحاً بأن سياسات الاستدامة المالية انعكست إيجاباً على التعافي التدريجي للاقتصاد المحلي، وفي المقابل واصلت الاستثمارات الجديدة في المملكة نموها المطرد.
* *
ولفت أنظار المتابعين للخطاب الملكي ما قاله الملك سلمان من أن المملكة حققت المرتبة الأولى عالمياً في عدد من المؤشرات الأمنية، مقارنة بالدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، ودول مجموعة العشرين كافة، كما جاءت في المرتبة الثانية في المؤشر العالمي للأمن السيبراني، ومثل ذلك فقد حققت المملكة المركز الأول عالمياً في ثلاث مؤشرات دولية أخرى من بينها: استجابة الحكومة لجائحة كورونا، واستجابة رواد الأعمال لجائحة كورونا، كما حافظت على المرتبة الأولى عالمياً بتفوقها في مؤشر المعايير الغذائية.
* *
وكان لمكافحة الفساد وتجفيف منابعه نجاحات كبيرة أشار إليها الملك في خطابه السنوي بالقول: لقد حققت المملكة نجاحات متتالية في مكافحة الفساد، وهو نهج أضحى استراتيجية أساسية لدينا، بتكريس مبدأ الشفافية، والمساءلة، وتتبع مراقبة الأداء الحكومي وفاعليته، وأن مكانة المملكة العالمية عائدة لمكانتها العربية والإسلامية، ولأدوارها المحورية في السياسة الدولية، والتزامها بالمواثيق، ومواقفها الراسخة نحو إحلال الأمن والسلام والاستقرار والازدهار.
* *
ومن ضمن ما جاء في كلمة الملك سلمان ما قاله عن دمج المؤسسة العامة للتقاعد مع المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، حيث أوضح أن الهدف من هذا الدمج توحيد الجهود في الاختصاصات المتشابهة، والاستفادة من الموارد المالية والبشرية في تطوير الخدمات، ورفع كفاءة الأداء، وزيادة مستوى الإنتاجية، وأن ذلك سوف يعزز المركز المالي للصندوق التقاعدي بزيادة العوائد الاستثمارية.
* *
ولم يخل الخطاب الملكي من التركيز على المشروعات الكبرى وهي: نيوم، وذا لاين، وأمالا، وأنها تمثل رؤية بلادنا للمستقبل، بنظمها الجديدة للاستدامة، والازدهار، والابتكار، وريادة الأعمال، فالمفهوم الجديد للتنمية الحضرية في (ذا لاين) يؤكد الجانب الإبداعي، والعمل الدؤوب في هذه المدينة الاستثنائية، كما تشكل مدينة (نيوم) الصناعية نموذجاً جديداً لمراكز التصنيع المستقبلية، في حين أن مشروع (أمالا) سوف يفتح نافذة استثمار جريئة في التكوين الطبيعي للمملكة وجغرافيتها، بمفهوم جديد للسياحة والصحة والعلاج.
* *
خطاب تاريخي مهم، تضمن محاور لامس بها الملك قضايا الساعة والمستقبل، بروح من التفاؤل والعمل والثقة بشعب المملكة العربية السعودية، وما لم ندرجه في هذه الحلقة من قراءاتنا للخطاب، يعزز الصورة الذهنية لآلية العمل والسياسة السعودية التي يقودها الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان.
(يتبع)