عثمان بن حمد أباالخيل

يعيش البعض حالة من عدم التوازن والإدراك ويترك لنفسه الأمارة بالسوء أنْ تتشمّت بالآخرين في تفاصيل حياتهم. عجزت أنْ أفهم ولا أتفهم لماذا الإنسان المتشمّت والعاقل ليس لديه حد أدنى من الإنسانية. غريبة حين يشمت بمصائب الآخرين وأكثر غرابة حين يفرح بألمهم. الشامتات والشامتون يعيشون بيننا ويظهرون في أكثر الأوقات أنهم قريبون إلى قلوبهم وهم عكس ذلك. حقاً هذا مرض اجتماعي متأصل في بعض القلوب المريضة نتيجة لإصابتها بمرض الغرور والحسد والغيرة والتعالي عن واثلة بن الأسْقَع -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تُظهر الشَّمَاتَة لأخيك فَيَرْحَمَه الله ويَبْتَلِيك». الشماتة بالمصائب التي تقع للغير تتنافَى مع الرحمة التي يُفترض أنّها تسود بين الناس جميعاً لكن واقع البعض يتلذذون حين يشمتون. وصور الشماتة كما هو الواقع من السخرية والهمز والغمز واللمز وألوان الاستهزاء قولاً وفعلاً وإشارة والحسد بقوله عز وجل في سورة البقرة {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} (الآية: 109). هل من المعقول أنْ يفرح إنسان بمكروه أصابَ غيره وهل من المعقول أن يتشفى ألا يعلمون أن الشماتة والتشفي هما عكس التسامح والتعاطف. قال أكثم بن صيفي: (ليس مِن الكرم أن يَشْمَت الرَّجل بصاحبه إذا زلَّت به النَّعل، أو نزل به أمرٌ). مؤلم حين تأتيك الشماتة ممن تظنه قريبا إلى قلبك. همسة لأولئك الشامتين والشامتات ألا تعلمون أن الأيام دول، فكم من غني افتقر، وفقير اغتنى، وعزيز ذل، وذليل عز، ووضيع ارتفع، ورفيع اتضع، وقوي ضعف، وضعيف قوي، وسليم ابتلي، ومبتلى عوفي ألا تدركون ذلك أم أنكم لمْ تتربوا على الأخلاق الفاضلة وتتأسوا بسيرة نبي الأمة محمد صلى الله عليه وسلم لا يشمت ولا يفرح بمصائب الآخرين.

(فقل للشامتين بنا أفيقوا

سيلقى الشامتون كما لقينا)

الفرزدق.

أتعجب من الشامتة والشامت هل يدركون أنهم غير محصنين من ضد تقلبات القدر وأحداثه الفجائية، وأن ما يحصل لأحدهم اليوم قد يحدث معه غداً فكفوا عن الشماتة وتعوذوا من الشيطان. وكان من مأثور دعائه صلى الله عليه وسلم «ولا تشمت بي عدوا ولا حاسدا». إذا رأيت من يشمت بالناس الذين ابتلاهم الله بالفقر أو المرض فتذكر أن الله يمهل ولا يهمل. هناك عبارات في لهجتنا العامية تدل على الشماتة وهي تختلف في أسلوبها من منطقة إلى أخرى ومنها (ساده خله ...). أيها الشامتات والشامتون أظهروا الحزن والأسى والتألم والتوجع لمن هم في دائرة حياتك وكن لهم عوناً ليس بينكَ وبين المُبتلى سِوى رَحْمَة الله. من أعماق قلبي الحياة قصيرة فلماذا لا نجلها حياة محبة وصفاء ونقاء وقدروا بعضكم البعض وابتعدوا عن الشماتة.